٥١٠٧ - الشيخ الفاضل محمد مكي بن ولي الدين المدني رئيس الحرمين، وقاضى البلدين، أوحد العصر، ومفرد الدهر*
كان رئيسًا نبيلًا فاضلًا كاملًا، كريم النفس والأخلاق، عالي الهمة، مشهورًا بالرياسة والحشمة.
ولد بـ "المدينة"، وقرأ القرآن، واشتغل بالعلم النافع، وأخذ الطريق، وتلقن الذكر، ولبس الخرقة من السيّد سالم شيخان، ولزمه كثيرًا، وكان أعجز جماعته عنده، وبشره بأشياء، ظهر له بعد ذلك حقيقتها.
منها: أنه يعيش سعيدًا، فكان كذلك، ومنها: أنه لا يتعرض له أحد بسوء إلا رأى فيه ما يسره، فلم يتعرض له أحد بسوء إلا قصمه الله تعالي، وهذا مشهور في واقعة أهل "المدينة"، وما فعله بعضهم من شكواه إلى الأبواب السلطانية، ثم. رجع مخذولًا، وغالبهم مات في حياته، ومنها: أنه من أهل الجنة، ومما اتفق له في مجاورته بـ"مكة" عام اثنين وسبعين وألف أنه ورد عليه تفويض الحكم الشرعى بـ "طيبة" من قاضيها المولى بهائي من الديار الرومية تفويضًا مطلقًا، ووافق أن القاضي المعزول وهو المولى محمد المرغلي أعطى قضاء "مكة"، وجاءه المنشور، فأرسل هو أيضًا تفويض حكم "مكة" إليه، فباشر النيابة عن القاضي بنفسه بـ "مكة"، وأقام من يباشر عنه في "المدينة" حسبما أبيح له ذلك، فقال في ذلك الشيخ أحمد بن عبد الرؤف المكى هذه الأبيات:
وضحت لرائد مدحكم طرق البيان … وتحدّثت بنسيبكم خرس اللسان