يقول: لما بلغ العشرين من عمره خرج من مرحلة التحصيل إلى التدريس، وأقبل على الإفادة، حتى خرج في رحلة "الحجاز". ويقول الشيخ المحدّث في "أخبار الأخيار" بعد ذكر دراسته: طلبني مولى المساكين وهادي الضالّين إليه، وألقى سلسلة الشوق في عنق هذا الغريب، وجذبني إلى بيته، وأوصلني إلى منزل المراد، أي أحلّني في مدينة حبيبه. ويقول في "زاد المتقين" في سنة ستّ وتسعين وتسعمائة: وصلت جاذبةٌ من الغيب، وظهرت وحشة في القلب، ولم يكن بد من الاصطلام، وعقد زاد الهمة بفكرة السفر.
لماذا كان يرى نفسه غريبا في "الهند"، ولماذا كان يشعر بالوحشة التي ذكرها في "زاد المتقين"؟
لما وصل إلى الشيخ عبد الوهّاب المتقي كشف النقاب عن هذه الوحشة، قائلا: يا سيدي أنا امرؤ نشأت من زمن صغري في الرياضة للتعلّم والتعبّد، ولم أعتد صحبة الناس، والاختلاط معهم، والدخول فيهم، ولما حصل لي بفضل الله طرف صالح من ذلك، وقضيت وطري وحاجتي، مما هنالك، دعاني بعض أهل الحقوق إلى الخروج إلى أرباب الدنيا، فأدركت سلطان الوقت والأمراء اعتنوا بشأني، ورفعوا مكاني، وأرادوا أن يكثروا بي سوادهم، ويحكموا، ويعدُّوا بهذا الضعيف صورهم وموادهم، فحماني الله، ولم يتركني معهم، وأوجد في قلب عبده جذبة، هداها إلى هذا المقام الشريف.
[الشيخ المحدث يتجه إلى الحجاز]
اتّجه الشيخ المحدّث عبد الحق الدهلوي سنة ٩٩٦ هـ، وهو ابن ثمان وثلاثين سنة إلى "الحجاز"، كتب محمد غوثي في "كلزار أبرار": أن الشيخ وصل إلى "كجرات" سنة ٩٩٥ هـ مارا بـ "مالوه"، وعلم بها أن موسم السفر قد مضى، فأقام بها سنة، وارتحل إلى "الحجاز" سنة ٩٩٦ هـ.