للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقال: إن قصره بعدما غصبَه فلا أجرةَ له، لأنه قصر لنفسه، وإن كان قصره قبل أن يغصبه، فله الأجرة، لأنه قصره لصاحبه.

ثم قال: من ظنّ أن يستغني عن التعلّم فليبك على نفسه.

وحدّث الحسن بن زياد اللؤلؤي (١)، قال: كانتْ هنا امرأة يقال لها: أم عمران مجنونة، وكانتْ جالسة في الكناسة، فمرَّ بها رجل، فكلَّمها بشيء، فقالتْ له: يا ابن الزانيتين، وابن أبي ليلى حاضر، فسمع ذلك، فقال للرجل: أدخلها علي المسجد. وأقام عليها حدَّين، حدًّا لأبيه، وحدًّا لأمّه.

فبلغ ذلك أبا حنيفة، فقال: أخطأ فيها في ستة مواضع؛ أقام الحدَّ في المسجد، ولا تقام الحدود في المساجد، وضربها قائمة، والنساء يُضربن قعودًا، وضرب لأبيه حدًا، ولأمّه حدًا، ولو أن رجلًا قذف جماعة كان عليه حدٌّ واحد، وجمع بين الحدّين، ولا يجمع بين حدّين، حتى يخف (٢) أحدهما، والمجنونة ليس عليها حدّ، وحدّ لأبويه، وهما غائبان، لم يحضرا، فيدعيان.

فبلغ ذلك ابنَ أبي ليلى، فدخلَ على الأمير، فشكا إليه أبا حنيفة، فحَجَرَ عليه، وقال: لا يُفتي.

فلم يُفت أياما، حتى قدم رسول من ولي العهد، فأمرَ أن يعرض على أبي حنيفة مسائل حتى يُفتي فيها، فأبى أبو حنيفة، وقال: أنا محجورٌ عليَّ.

فذهب الرسول إلى الأمير، فقال الأمير: قد أذنت له، فقعدَ، فأفتى.

[ذكر ما نقل في حق الإمام]

قال الخطيب في "تاريخه" (٣): النعمان بن ثابت، أبو حنيفة التيمي، رأى أنس بن مالك، رضي الله عنه، وسمع عطاء بن أبي رباح، وأبا إسحاق


(١) تاريخ بغداد ١٣: ٣٥١.
(٢) في بعض النسخ "يحف".
(٣) تاريخ بغداد ١٣: ٣٢٣ - ٣٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>