للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فاسترجع، ثم قال: لقد كنت أؤملك بعدي للمسلمين، ولئن أصيب الناس بك ليموتن علمٌ كثير.

ثم رزق العافية، وخرج من العلة، فأخبر أبو يوسف بقول أبي حنيفة فيه، فارتفعت نفسُه، وانصرفتْ وجوه الناس إليه، فعقد لنفسه مجلسًا في الفقه، وقصر عن لزوم مجلس أبى حنيفة، فسأل عنه، فأخبر أنه عقد لنفسه مجلسًا، وأنه بلغه كلامك فيه. فدعا رجلا كان له عنده قدر، فقال: صِرْ إلى مجلس يعقوب، فقل له: ما تقول في رجل دفع إلى قصَّار ثوبا ليقصره بدرهم (١)، فصار إليه بعد أيام في طلب الثوب.

فقال له القصَّار: ما لكَ عندي شئ، أنكره، ثم إن ربّ الثوب رجع إليه، فدفع إليه الثوب مقصورًا، أله أجره؟. فإن قال: له أجره، فقل: أخطأتَ، وإن قال: لا أجرَ له، فقل: أخطأتَ.

فصار إليه، فسأله، فقال أبو يوسف: له الأجرة.

فقال: أخطأتَ.

فنظر ساعة، ثم قال: لا أجرةَ له.

فقال: أخطأتَ.

فقام أبو يوسف من ساعته، فأتى أبا حنيفة، ققال له، ما جاء بك إلا مسئلة القصَّار.

قال: أجلْ.

فقال: سبحانَ الله، من قعد يُفتي الناس، وعقد مجلسًا يتكلّم في دين الله، وهذا قدره، لا يُحسن أن يجيب (٢) في (٣) مسئلة من الإجارات! فقال: يا أبا حنيفة! علّمني.


(١) قصر الثوب: بيَّضه.
(٢) في بعض النسخ "يحسبه".
(٣) ساقط من بعض النسخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>