وقالتْ أخرى: يا رسول الله، ادْع الله لي أن يُدخلني الجنة.
فقال:"يا أمَّ فلان، إن الجنة لا يدخلها عجوز".
فولت المرأة، وهي تبكي، فقال صلى الله عليه وسلم: "أخبروها أنها لا تدخل الجنة وهي عجوز، إن الله تعالى يقول: {أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً (٣٥) فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا (٣٦) عُرُبًا أَتْرَابًا}.
قد جمع الله له كمال الأخلاق، ومحاسن الأفعال، وحسبك ما أثنى عليه في قوله تعالى:{وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ}.
وآتاه الله علم الأولين والآخرين، وما فيه النجاة والفوز، وهو أمّي، لا يكتب، ولا يقرأ، ولا معلم له من البشر، ونشأ في بلاد الجهل والصحارى، وآتاه ما لم يؤت أحدًا من العالمين، واختاره على الأولين والآخرين، صلى الله عليه وسلم.
[الفصل الرابع في معجزاته وآياته صلى الله عليه وسلم]
وههنا أذكر عدة من معجزاته وآياته صلَّى الله عليه وسلم.
منها: القرآن العظيم: وهو أكبرها، الذي دعا به بلغاء قريش، وهم ما هم قالة البلاغة، ولسن الفصاحة، ولهم من ذلك قمراها والنجوم الطوالع، ودعا غيرهم، مُذ بعثه الله قرنًا بعد قرن، وجيلًا بعد جيل، إلى يومنا هذا، وإلى يوم البعث والنشور.