للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تفهم مراده لذهولها وحزنها عليه، فأمسك بيدها، وهزّها لكونه لا يستطيع الكلام، ففهمت مراده، وأمسكت الكأس بيدها اليمنى، فللّه درّه كم أتعب من بعده.

ومن ذلك: أن من أواخر ما قرأته عليه ترجمة الإمام القدوة الفذّ عبد الله بن المبارك رحمه الله من كتاب "سير أعلام النبلاء" للحافظ الذهبي، رحمه الله، وهو على فراش المرض في مستشفى العيون، فلمّا شرعت في أولها ورأى طولها، أحالني على آخرها، وطلب مني قراءة أبيات، قالها بعضهم في رثاء ابن المبارك، وتوقَّف عندها رحمه الله وقدّس روحه. وفي هذه الأبيات موعظة لأولي الألباب، وهي:

مررت بقبر ابن المبارك غدوة … فأوسعني وعظا وليس بناطق.

وقد كنت بالعلم الذي في جوانحي … غنيا وبالشيب الذي في مفارقي.

ولكن أرى الذكرى تنبّه غافلا … إذا هي جاءت من رجال الحقائق.

نعم! أيها الحبيب تنبّه غافلا، إذا هي جاءت من رجال الحقائق. رحمك الله وجعل موتك ذكرى لقلوبنا الغافلة، وجمعنا وإياك في علّيين في مقعد صدق عنده مع النبيين والصدّيقين، اللّهم لا تحرّمنا أجره، ولا تفتنا بعده، واغفر لنا وله، إن العين لتجود وتدمع، وإن القلب ليحزن ويكلم، ولا نقول إلا ما يرضى ربنا، وإنا على فراقك يا قرة العين لمحزونون.

* * *

٣١٥٢ - الشيخ الفاضل عبد الفتّاح بن محمد السباعي، الحمصي *


* راجع: معجم المؤلفين ٥: ٢٨٠.
ترجمته في سلك الدرر ٣: ٤٦، وهدية العارفين ١: ٥٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>