وبقدر ما وهب الله لكم من جلالة العلم لما صنتموه عن ذلّ الاستثمار، فإن بلي رجل منكم بالدخول في القضاء، فعلم من نفسه خربة، سترها الله تعالى عن العباد، لم يجز قضاؤه، ولم يطب له رزقه، وإن كانت سريرته مثل علانيته جاز قضاؤه، وطاب له رزقه، فإن دفعته ضرورة إلى الدخول فيه، فلا يجعلنّ بينه وبين الناس حجابا، وليصلّ الصلوات الخمس في الجامع، وليناد عند كلّ صلاة من له حاجة، فإذا صلّى صلاة العشاء الآخرة نادى ثلاثة أصوات من له حاجة، ثم دخل إلى منزله، فإن مرض مرضا لا يستطيع الجلوس معه أسقط من رزقه بقدر مرضه، وأيما إمام غلّ فيئا أو جار في حكمه بطلت إمامته، ولم يجز حكمه، وإن أذنب ذنبا فيما بينه وبين الناس أقامه عليه أقرب القضاة إليه. فيا له من عالم ومعلّم ومؤدّب لأصحابه.
وفي رواية أخرى عند الخطيب (١٤ - ٢٤٧) قال أبو حنيفة يومًا أصحابنا هؤلاء ستة وثلاثون رجلًا، منهم ثمانية وعشرون يصلحون للقضاء، ومنهم ستة يصلحون للفتاوي، ومنهم اثنان يصلحان يؤدّبان القضاة، وأصحاب الفتوى. وأشار إلى أبي يوسف وزفر. والظاهر أن الروايتين بالنظر إلى الذين حضروا في مجلس وآخر، والله أعلم.
[شيوخ الحسن بن زياد وأصحابه وتلاميذه]
تفقّه الحسن بن زياد على أبي حنيفة، وداود بن نصير، وحمّاد بن نصير، وحمّاد بن أبي حنيفة، وزفر بن الهذيل، وأبي يوسف وسمع من سعيد بن عبيد الطائي، وعبد الملك بن جُريج، ومالك بن مغول، ووكيع، وأيوب بن عقبة، والحسن بن عمارة، وعيسى بن عمر الهمذاني مقرئ "الكوفة" بعد حمزة وغيرهم.
وأخذ عنه الفتح بن عمرو الكشي، وأبو هشام الرفاعي، ونصير بن يحيى البلخي، ومحمد بن سماعة القاضي، وإسحاق بن بهلول التنوخي الحافظ، وشعيب بن أيوب الصريفيني، والوليد بن حمَّاد اللؤلؤي ابن أخيه،