أسس الكتب المدوّنة في فقه المذاهب، ولا يخفى مبلغ استمداد الكتب المدوّنة في المذاهب من كتب محمد بن الحسن. فـ"الأسدية" التي هي أصل "المدونة" في مذهب مالك إنما ألفت تحت ضوء كتب محمد. والشافعي وإنما ألف قديمه وجديده بعد أن تفقه على محمد، وكتب كتبه، وحفظ منها ما حفظ وابن حنبل كان يجاوب في المسائل من كتب محمد نذكر هنا جملة من تصانيفه المشهورة.
[كتاب الأصل المعروف بالمبسوط]
فمنها:"كتاب الأصل" المعروف بـ"المبسوط"، وهو أكبر ما وصل إلينا من كتبه، وهو في ستة مجلدات، كل مجلد منها نحو خمسمائة ورقة، وهو الذي يقال عنه: إن الشافعي كان حفظه، وألف "الأم" على محاكاة "الأصل"، وأسلم حكيم من أهل الكتاب بسبب مطالعة "المبسوط" هذا، قائلا: هذا كتاب محمدكم الأصغر فكيف كتاب محمدكم الأكبر؟ يرويها جماعة من أصحابه، وقد قدر الله سبحانه وتعالى ذيوعا عظيما لهذا الكتاب، يحتوي على فروع تبلغ عشرات الألوف من المسائل في الحلال والحرام، لا يسع الناس جهلها. وهو الكتاب الذي كان أبو الحسن بن داود يفاخر به أهل "البصرة"، وطريقته في الكتاب سرد الفروع على مذهب أبي حنيفة وأبي يوسف، مع بيان رأيه في المسائل، ولا يسرد الأدلة حيث تكون الأحاديث الدالة على المسائل بمتناول جمهور الفقهاء من أهل طبقته. وإنما يسردها في مسائل ربما تعزب أدلتها عن علمهم، فلو جرّدت الآثار من هذا الكتاب الضخم تكون في مجلد لطيف، وتوجد عدّة نسخ كاملة منه في خزانات "إستانبول"، منها: ما هو في ستة مجلدات، وهي نسخة مكتبة فيض الله، ومنها: ما هو في أربعة مجلدات، وهي نسخ مكتبات جار الله ولي الدين، وقره مصطفى باشا، ومراد ملا. وأقدمها نسخة مراد ملا، وكلها من رواية الجوزجاني. وعدد المجلدات مما يختلف باختلاف الخط، ويوجد في