ولذا طال لسان بعض الناس في أبى يوسف مع ما شهر عنه من العدل في الأحكام.
وقد حكى جماعة عن محمد بن عبد الله الأنصاري أنه قال: أكره زفر على أن يلي القضاء، فأبى وهدى منزله، واختفى مدّة، ثم خرج، وأصلح منزله، ثم هدم ثانيا، واختفى كذلك، حتى أعفي عن تولي القضاء -رحمه الله-.
[بعض شيوخ زفر والآخذين عنه]
تفقّه زفر على الإمام الأعظم أبي حنيفة، وجالسه أكثر من عشرين سنة، وفي "المناقب الكردرية" ٢: ١٠٤ عن زفر جالست أبا حنيفة أكثر من عشرين سنة، فلم أر أحدا أنصح وأشفق للناس منه، وأنه كان يبذل نفسه لله تعالى، أما عامة النهار فإنه كان مشغولا بالمسائل، وحلّها، وتعليمها، وما يعرض عليه من النوازل وجوابها، فإذا قام من المجلس عاد مريضا، أو شيع جنازة، أو واسى فقيرا، أو واصل أخا، أو سعى في حاجة، فإذا كان الليل خلا للتلاوة والعبادة والصلاة، فكان هذا سبيله حتى توفي. فنعم الشيخ ذلك الشيخ، ونعم التلميذ ذلك التلميذ. ومع تفقّه زفر عليه أكثر رواية الحديث عنه أيضا.
وقد ذكر أبو سعد السمعاني في "الأنساب" عند ذكر الجصيني أحمد بن بكر بن سيف: ثقة يروي عن أبي وهب محمد بن مزاحم المروزي عن زفر عن أبي حنيفة "كتاب الآثار"، وروى عن غيره، فأكثر. وذكر الحاكم في (١٦٤) من كتابه "معرفة علوم الحديث" أن لزفر نسختين في الحديث، إحداهما رواية أبي وهب، والأخرى رواية شدّاد بن حكيم. ومرويات زفر في الحديث بأسانيده مسرودة في كثير من الكتب، كـ "تاريخي أصبهان" لأبي الشيخ وأبي نعيم، و"تاريخ الخطيب"، وغيرها.