ومنهم اثنان يصلحان يؤدّبان القضاة، وأصحاب الفتوى، وأشار إلى أبي يوسف وزفر، كما أخرجه الخطيب في "تاريخه" بسنده، وهذا شهادة من الإمام الأعظم في حقّها أنهما بلغا أعلى درجات الاجتهاد عند ما نطق بهذا الحكم.
وساق أيضا بطريق إسماعيل بن حماد: كان أصحاب أبي حنيفة عشرة: أبو يوسف، وزفر، وأسد بن عمر، والبجلي، وعافية الأودي، وداود الطائي، والقاسم بن معن المسعودي، وعلي بن مسهر، ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة، وحبّان، ومندل ابنا علي العنزي. ولم يكن فيهم مثل أبي يوسف وزفر، وهؤلاء العشرة هم أكابر أصحاب أبي حنيفة، الذين دوّنوا الفقه معه، كما سبق في رواية الصيمري عن الطحاوي.
وفي "طبقات علي القاري": قال شدّاد بن حكيم: سألت أسد بن عمرو: أبو يوسف أفقه أم زفر؟ فقال: زفر أروع. قلت: عن الفقه سألتك، فقال: يا شدّاد! بالورع يرتفع الرجل. ومثله في "مناقب الكردري"، وهذان الإمامان العظيمان اللذان هما كفرسي رهان عند أهل النقد يقول عنهما الصيمري: ما رواه عن عبد الله بن محمد عن أبي بكر الدامغاني عن الطحاوي عن ابن أبي عمران عن وليد بن حماد ابن أخي الحسن بن زياد، قلت لعمّي الحسن بن زياد: رأيت زفر وأبا يوسف عند أبي حنيفة، فكيف رأيتهما، قال: رأيتهما كعصفورين انقض عليهما البازي. اهـ.
وحكى القارئ عن أبي مطيع: زفر حجّة الله على الناس فيما بينهم يعملون بقوله، وأما أبو يوسف فقد غرّته الدنيا بعض الغرور، ومثله في "مناقب الكردري"، هكذا يكون كلام الناس فيمن ولي الأحكام، مع أنه لا تصلح أحوال الناس إلا بقضاة عدول، فمن تولّى القضاء وعدل فهو القائم بأشقّ الأمرين، فيستحقّ الإجلال، ولقد صدق ابن الوردي، حيث قال: