فهذا الأمر ربما يورث شبهة بأن الفتاوى التاتارخانية هي أيضًا من تأليف الجماعة العلماء، التي قامت بأمر الأمير تاتارخان، كما زعم بعض العلماء.
قلت: تكفي لإزالة هذه الشبهة العبارتان من كلام المؤلّف الإمام فريد الدين عالم بن العلاء الإندربتي، اللتان تدلّان صراحة على أن المؤلّف هو وحده ألّف الكتاب من غير اشتراك آخرين من العلماء، وأما استعانة المؤلّف بتلاميذه وخدّامه فهذا الأمر لا يسع لأحد أن ينكره.
العبارة الأولى: يقول المؤلّف في بداية المقدمة: فقد أشار إليّ من إشارته حكم، وطاعته غنم، إلى أن قال: وزائر الحرمين، كالعين للإنسان، والإنسان للعين، الخان الأعظم، القهرمان المعظم، تاتارخان، الذي ألقى إليه الدهر قيادة.
العبارة الثانية: يقول المؤلّف في آخر المقدمة: قال العبد الملتجئ إلى رحمة الله الغفّار، المنتسب إلى الأنصار، عالم بن العلاء، عصمه الله عن الزيغ، وهداه إلى منهج السواء، فإن العبارة الأولى تدلّ صراحة إلى أن الأمير تاتارخان لم يشكّل الجماعة لتأليف "الفتاوى التاتارخانية"، بل أشار لتأليفها على المصنّف وحده، وأما العبارة الثانية فهي تصرّح بأن "الفتاوى التاتارخانية" هي من نتاج جهود عالم بن العلاء وحده، لا من جهد الجماعة.
[الأمير تاتارخان الدهلوي]
كان الأمير تاتارخان رجلا صالحا، متديّنا، متمسّكا بالشريعة في السفر والحضر، ويحافظ على الصلوات، ويحجّ البيت، ويحبّ العلماء، ويحسن إليهم.
هكذا ذكر من أوصاف الأمير، فإذا لا بدّ لنا أن نعرف أنه من هو؟ وأنه كيف توصّل إلى "دهلي"، وكان من أصل الترك؟ وبأيّ سبب سمي بتاتارخان؟ وأنه كيف توصّل إلى حضرة الملك فيروز تغلق؟ وبأيّ عمل لقّب بالخان الأعظم.