والأسرة النبورية أسرة، جمع الله فيها العلم والعمل، والتقوى والورع، والخير والصلاح، والزهد والقناعة، والإعراض عن الدنيا، والإقبال إلى الآخرة.
كان والده رحمه الله تعالى عالما، ورعا، زاهدا، تقيا، عابدا، قضى عمره في الرياضات والمجاهدات، وقضى نحبه، وهو مكبّ فيما يقربه إلى الله جلّ وعلا، وورث كل ذلك ابنه الصالح البار، ورزق مع حسن الصورة حسن السيرة، رزق مع العلم الزخار عملا متواصلا، قضى عمره وشبابه في الجهد لإعلاء كلمة الله، لا يخاف في ذلك لومة لائم، ولا يصدّه عن كلمة الحق ذو سلطان أو صاحب حكومة، كان عالما، عابدا، زاهدا، بكَّاء لخشية الله، تهمر عيونه ديمة مدرارا، ولسانه عبرا ومواعظا.
[رحلته للعلم]
تعلم القرآن الكريم والمبادئ على والده السيّد محمد زكريا، وخاله الشيخ فضل صمداني البنوري، والشيخ عبد الله في "بشاور"، وكانت جدّة الشيخ رحمها الله من أسرة ملكية لـ "كابُل"، وقد وهب لوالده الأمير محبت خان بعض الأراضي في "رشكي"، ولكن الشيخ زكريا لم يترك لنفسه سوى بيت يظلّه، وخرج في سبيل العلم، وبهذه المناسبة درس الشيخ رحمه الله كتب الصرف والنحو في مكتب ببلدة "كابُل"(أفغانستان) في عهد الأمير حبيب الله خان، ومن أشهر من انتفع به في هذه الفرصة الشيخ عبد الله بن خير الله البشاوري المتوفى سنة ١٣٤٠ هـ.
وقرأ الكتب المتوسّطة من الفنون المختلفة من الفقه وأصوله والمنطق والمعاني والأدب وغيرها على علماء "بشاور" و"كابل"، ومن أكبر مشايخه في هذه الفنون: الشيخ عبد القدير اللمقاني الأفغاني، قاضي محكمة الرافعة في