فدفع إليه لواءَه، وبعث بلالا، فنادى في الناس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركم ألا تصلوا العصر إلا في بني قريظة، واستخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم على "المدينة" عبدَ الله بن أم مكتوم، ثم سارَ إليهم في المسلمين، وهم ثلاثة آلاف، والخيل ستة وثلاثون فرسا، وذلك يوم الأربعاء لسبع بقين من ذي القعدة، فحاصرهم خمسة عشر يوما أشدّ الحصار، ورموا بالنبل، فانجحروا، فلم يطلع منهم أحد، فلما اشتدّ عليهم الحصار أرسلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسل إلينا أبا لبابة بن عبد المنذر، فأرسله إليهم، فشاوروه في أمرهم، فأشارَ إليهم بيده أنه الذبح، ثم ندم، فاسترجعَ، وقال: خنت الله ورسوله، فانصرف فارتبط في المسجد، ولم يأت رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى أنزل الله توبته، ثم نزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمر بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم محمد بن مسلمة، فكتفوا، ونحوا ناحية، وأخرج النساء والذرية، فكانوا ناحية، واستعمل عليهم عبد الله بن سلام، وجع أمتعتهم وما وجد في حصونهم من الحلقة والأثاث والثياب، فوجد فيها ألف وخمسمائة سيف وثلاثمائة درع، وألفا رمح وألف وخمسمائة ترس وحجفة وخمر وجرار سكر، فأهريق ذلك كله، ولم يخمّس، ووجدوا جمالا نواضح وماشية كثيرة.
[٣١ - سرية محمد بن مسلمة إلى القرطاء]
ثم سرية محمد بن مسلمة إلى "القرطاء"، خرج لعشر ليال خلون من المحرّم على رأس تسعة وخمسين شهرا من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، بعثه في ثلاثين راكبا إلى "القرطاء"، وهم بطن من بني بكر من كلاب، وكانوا ينزلون البكرات بناحية "ضرية"، وبين "ضرية"، و"المدينة" سبع ليال، وأمره أن يشنّ عليهم الغارة، فسار الليل، كمن النهار، وأغار عليهم، فقتل نفرا منهم، وهرب سائرهم.