الدارمي"، من أوله إلى آخره في عشرة مجالس، كلّها بالمسجد النبويّ عند المحراب العثماني تجاه القبر الشريف، وشيئا من "الأدب المفرد" للبخاري، وشيئا من أول "الشفاء"، للقاضي عياض، وسمع عليه "الأمم" فهرس الشيخ إبراهيم بن الحسن الكردي المدني مع التذئيل، فأجازه الشيخ أبو طاهر إجازة عامة بما تجوز له وعنه روايته من مقروء ومسموع وأصول وفروع وحديث وقديم ومحفوظ ورقيم، وذلك في سنة أربع وأربعين ومائة وألف.
ثم ورد بـ "مكة المباركة"، وأخذ "موطأ مالك" عن الشيخ وفد الله المالكي، وحضر دروس الشيخ تاج الدين القلعي المكّى أياما، حين كان يدرّس "صحيح البخاري"، وسمع عليه أطراف الكتب الستة، و"موطأ مالك"، و"مسند الدارمي"، و"كتاب الآثار" لمحمد، وأخذ الأجازة عنه لسائر الكتب، وأخذ عنه "الحديث المسلسل بالأولية" عن الشيخ إبراهيم بن الحسن المدني، وهو أول حديث سمع منه بعد عوده من زيارة النبي صلى الله عليه وسلّم.
وعاد إلى "الهند" سنة خمس وأربعين ومائة وألف.
[ومن نعم الله تعالى عليه]
أنه خصّه بعلوم لم يشركْ معه فيها غيره، والتي أشرك فيها معه غيره من سائر الأئمة كثيرة، لا يحصيها البيان، ونحن نذكر قليلا من ذلك الكثير، حسبما ذكرها محسن بن يحيى الترهتي في "اليانع الجني".
منها: ما أكرمه الله تعالى به من الفصاحة في اللغة العربية والربط الخاص بالفنون الأدبية في النظم والنثر، كأنما الإعجاز أو السحر من رقّة اللفظ، ومعناه وصفاء المورد ومغناه.