٤٣٥١ - أبو مجاهد فخر الدين محمد بن تغلق شاه، التركي، الدهلوي، السلطان الجائر، المشهور بالعادل *
ولد، ونشأ بأرض "الهند"، وكان أبوه تركيا من مماليك صاحب "الهند"، فتنقَّل إلى أن ولي السلطنة، واتَّسعت مملكته جدا، وكان هذا الملك من عجائب الزمن وسوانح الدهر، لم ير مثله في الملوك والسلاطين في بذل الأموال الطائلة، وسفك الدماء المعصومة، وفتح الفتوحات الكثيرة، وتوسيع المملكة العظيمة.
وسنذكر من أخباره عجائب، لم يسمع بمثلها عمن تقدّمه، مما رأى الشيخ محمد بن بطوطة المغريى بعينه، وكان ساح بلاد "الهند"، ودخل "دهلي" في عهده، وولي القضاء.
قال ابن بطوطة في "كتاب الرحلة": إنما أذكر منها ما حضرته وشاهدته وعاينته، ولا سيّما جوده على الغرباء، فإنه يفضّلهم على أهل "الهند"، ويؤثّرهم، ويجزل لهم الإحسان، ويسبغ عليهم.
ومن إحسانه إليهم: أن سماهم الأعزّة، ومنع أن يدعوا الغرباء. وقال: إن الإنسان إذا دعي غريبا انكسر خاطره، وتغير حاله.
فمن ذلك: أنه قدم عليه ناصر الدين الترمذي الواعظ، وأقام تحت إحسانه مدّة عام، ثم أحبّ الرجوع إلى وطنه، فأذن له في ذلك، ولم يكن يسمع وعظه، فأمر أن يهيأ له منبر من الصندل الأبيض المقاصري، وجعلت مسامره وصفائحه من الذهب، وألصق بأعلاه حجر ياقوت عظيم، وخلع على ناصر الدين خلعة مرصّعة بالجوهر، ونصب له المنبر، فوعظ، وذكَّر، فلمّا نزل عن المنبر، قام السلطان إليه، وعانقه، وأركبه على فيل، وضربت له سراجة