من الحرير الملون، وصيوانها من الحرير، وخباؤها أيضا كذلك فجلس الواعظ فيها، وكان بجانبها أواني الذهب، أعطاه السلطان إياها، وذلك تنور كبير بحيث يسمع في جوفه الرجل القاعد، وقدران وصحاف، كلّ ذلك من الذهب، وقد كان أعطاه عند قدومه مائة ألف دينار.
ومن ذلك: أنه وفد عليه غياث الدين محمد بن عبد القاهر بن يوسف بن عبد العزيز بن الخليفة المستنصر بالله العبّاسي، فلمَّا وصل إلى "بلاد السند"(١) بعث السلطان من يستقبله، ولما وصل إلى "سرستي": بعث لاستقباله القاضي كمال الدين الهانسوي، وجماعة من الفقهاء، ثم بعث الأمراء لاستقباله، فلمَّا وصل إلى خارج الحضرة خرج بنفسه، واستقبله، ولما دخل فى دار الملك أنزله بدار الخلافة، سيرى في القصر الذى بناه السلطان علاء الدين الخلجي، وأعدّ له فيه جميع ما يحتاج إليه من أواني الذهب والفضة، حتى من جملتها: مغتسل يغتسل فيه من ذهب، وبعث له أربعمائة ألف دينار لغسل رأسه على العادة، وبعث له جملة من الفتيان والخدم والجواري، وعين لنفقته كلّ يوم ثلاثمائة دينار، وبعث له زيادة إليها عددا من الموائد بالطعام الخاص، وأعطاء جميع مدينة "سيرى" أقطاعا، وجميع ما احتوتْ عليه من
(١) "السند" بكسر السين المهملة، وسكون النون، آخرها دال مهملة: بلاد بين "الهند"، و"كرمان" و"سجستان"، وهو أول بلاد، وطئها المسلمون، وملكوها، والعرب كانوا يسمّونه إقليم الذهب، وهو إقليم حار، وفيه مواضع معتدلة الهواء، والبحر يمتدّ مع أكثره، وبه أنهار عديدة، وفيه نخيل ونارجيل، وموز، وبعض العقاقير النافعة، وفي بعض المواضع منه الليمون الحامض، والأنبج، في بعضها الأرز الحسن، وفيه البختي، وهو نوع من الإبل، له سنامان، مليح، وأشهر أنهاره "نهر السند"، ويسمونه "مهران"، وفيه تفيض الأنهار الخمسة المشهورة ببلاد "بنجاب"، و"نهر كابل" فيصب في البحر عند "ديبل".