للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مسئلة: "السلطان إذا احتاج إلى تقوية الجيش فأخذ من أرباب الأموال ما يكفيه من غير رضاهم، له ذلك.

ومثل هذه المسائل كثيرة، قل أن تحصر في مصنف، وفيما ذكرناه منها كفاية للمنصف؛ فإنه إذا تأمَّل ما أوردناه، ونظر بعين الإنصاف إلى ما قرَّرناه، ظهر له أن مذهبنا أوفق للإمامة من غيره، وأكثر تفويضًا للأئمة من سواه، والله الموفّق للصواب.

[بعض التشنيعات عليه والجواب عنه]

ومن التشنيعات أيضًا، قولهم: إنه قدَّم القياس الذي اختلف الناس في كونه حجَّة على الأخبار الصحيحة، التي اتفق العلماء على كونها حُجَّة.

والجواب: أن هذا القول (١) زعم منهم، فإن أبا حنيفة أخذ بكتاب الله تعالى، ثم بسنة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، ثم بما اتفقت عليه الصحابة، ثم بما جاءَ عن واحد من الصحابة، وثبتَ ذلك، واشتهرَ، ولم يظهرْ له فيه مُخالف، وإن كان أمرًا اختلف فيه الصحابة والعلماء، فإنه يقيس الشيء بالشيء حتى يتضح الأمر، ثم بالقياس إن لم يكنْ في الحادثة شئ مما ذكرناه.

والدليل على أن مذهب أبي حنيفة على الصفة المشروحة، ما رَوَى أبو مطيع البلخي، قال: [كتب] أبو جعفر المنصور إلى أبي حنيفة يسأله عن مسائل، وكان مما سأل: أخبرني عن ما أنت عليه، فقد وقع فيك الناس، وزعموا أنك ذو رأي، وصاحب اجتهاد وقياس، كتبتُ (٢) إليك بالمسائل، فإن كنت بها عالمًا علمنا أنك تقول بما نقول، وإن اشتبهت عليك، وتماديت فيها، علمنا أنك تقول بالقياس، والسَّلام.


(١) في بعض النسخ "القدر".
(٢) في بعض النسخ "فكتبت".

<<  <  ج: ص:  >  >>