أن الطبيب الحاذق الحافظ عبد الرحمن المظفر نغري هو الآخر استنفد حيلته في علاجه، لكن القدر كائن لا محالة، يستحيل الفرار مما كتب الله وقدر، وداء الموت ليس له دواء، وأجل الله تعالى إذا جاء لا يؤخَّر، ولو نفع الدواء ونجح الحيلة دون القدر لم يحل دون عودة الصحة إليه شيء، فقد توفر له من الأدوية ما يصعب على الأثرياء إحضاره وتعاطيه، وهيئ له من العلاج، قلما ينال مثله ملوك الأرض، ولكن أين الطمع، ومخافة الموت من إيمانه النابع عن قلبه المطئمن.
[حضرة الشيخ يعود الشيخ أحمد علي في سهارن فور]
وفي الأيام الأخيرة من حياته نزل بالشيخ أحمد علي الفالج، فاتجه حضرة الشيخ إلى "سهارن فور" يعوده، وسبق أن استدعي الطبيب عبد الرحمن من "مظفر نغر"، وعاد إلى "ديوبند"، مساء اليوم الذي سار فيه إلى "سهارن فور" بالقطار، فمسه نصب تسبّب في معاودة مرضه، ثم تحسنت حالته بعد ذلك بأيام، وعادت إليه الصحة، فلما وجد في نفسه قوة وخفة طلب منه ابني علاء الدين أن يفيده شيئا مما علمه الله، فرضي حضرة الشيخ بذلك، وأخد يحدث حديثا وحديثين من "السنن" للإمام الترمذي عقب صلاة العصر، ويجدّ في تحديثه ما لم يأخذه سعلة، فيتوقف قليلا، حتى تهدأ ثورتها، ثم يستمرّ فيه، وإذا ما غلبه السعال أوقف التحديث.
وفي تلك الأيام قصد "سهارن فور" مرة ثانية، إذ لا زال الشيخ أحمد علي رغم ما خفّ من مرضه يعاني من الحمّى والضعف المتناهي، فطلب إليه الشيخ أحمد علي أن يقضي أياما لديه، فلم يمانعه حضرة الشيخ، ولبث أسبوعين عنده، وإن لم يكن تعود قضاء مدة طويلة مثل هذه في "سهارن فور"، فعادت إليه نوبة المرض، كما نزل به داء ذات الجنب.