وكان رحب الصدر، سهل العريكة، لين الجانب، دمث الأخلاق، صبورا، بحّاثا منقبا قوى الذاكرة، منصرفا بكليته إلى مطالعة الكتب وتحقيقها ليل نهار، وكان هو المفزع الوحيد المرجع الأخير في تعرف أحوال الكتب النادرة في عصره يؤمه عامة الناس وخاصتهم، فيجدون عنده ما يشفي غلّتهم.
٣ - عبقري الدهر العلامة المفتي نور الحق المتوفى سنة ١٤٠٨ هـ شيخ الحديث ورئيس الإفتاء للجامعة الإسلامية جيري، كما تولى رياستها قرابة عشرين حولا.
هؤلاء وأمثالهم كثير ممن استفاد من الشيخ، وانتهل من منهله العذب الصافي.
[الداعية الناجح]
قد روي بإسناد صحيح عن مسررق التابعي الكبير من رجال "الكوفة" في حق حبر "الكوفة" وحبر "القادسية" وأقربهم إلى اللَّه زلفى عبد اللَّه بن مسعود، قال: لقد جالست أصحاب رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، فوجدتهم كالأخاذ، فالأخاذ، يروي الرجل، والأخاذ يروي الرجلين، والأخاذ يروي العشرة، والأخاذ يروي المائة، والأخاذ لو نزل به أهل الأرض لأصدرهم، فوجدت عبد اللَّه بن مسعود من ذلك الأخاذ.
فنرى الشيخ من الرجال القلائل الذين تنطبق عليهم هذه الكلمة الرائعة بكل معانيها، وتصدق تماما على هذا العالم الجليل الأبي العف.
أن مرحلة التزكية والإحسان من أبرز المراحل التي غيرت مجرى حياة الشيخ، واحتلّ بها مكانة مرموقة بين جموع البشر في ربوع الأرض كلها، واستهوى قلوب الناس إليه، وهيمن عليها، وغدا مهيبا معظما لدى المقتربين منه والمبتعدين عنه، وطار صيته، وانتشر ذكره في أقطار المعمورة وأمصارها، وقد تقدم الشيخ في حلبة تزكية النفس عن أرجاس الرذائل وأنجاسها وتطهيرها