ثم بدا لحضرة الشيخ أن يحج إلى بيت الله، فقام بالحج مع رفقاء له، وعاد كما سافر المنشي ممتاز على إلى "الحجاز" ينوي الإقامة به، واستيطانه، غير أنه عاد منه بعد ذلك بعام، ثم توجّه حضرة الشيخ إلى "دهلي"، حيث أنشأ المنشي الكاتب ممتاز على مطبعة له، وسبق أن اشتغل حضرة الشيخ في المطبعة إلي أنشاها المولوي محمد هاشم في "ميرته" في المدة التي غاب فيها المنشي ممتاز علي عن البلاد.
[تدريسه زمن الإقامة بميرته المتضمن لبيان النكات والنوادر]
وأكثر حضرة الشيخ حينئذ من تعليم الطلاب، ولم يدع كتابا من الكتب المتداولة إلا قام بتدريسه هادي البال مطمئن النفس متمكنا من تدريسه، الذى كان يتضمن من موادّ غزيرة ما لا أذن سمعت ولا قلب أدركه، ويأتي بما ندر عزّ من دراسات وتحقيقات علمية توفّق بين وجوه الاختلاف، وبمباحث تلمس جذور الموضوع وتشرحه شرحا وافيا، ولا يزال ثمرة تدريسه ملموسة ظاهرة، ولا شك أن الذرة دون الشمس بمراحل، إلا أنه يعكس ذلك الجمال والفضل، ويتجلى فيه ما يوجب عزمه وتصميمه، فمن شاء فلينظر، وليستمع إلى ما يكتب ويخطب.
سجل حضرة الشيخ خلال هذه الأيام أشياء، منها ما هو رد على سؤال وُجّه إليه، وما هو تحقيق لطلب صديق له، وما هو دون هذا وذاك، وهذه المواد كثيرة جدا، لأن تشردها جعل جمعها وتأليفها من الصعوبة بمكان، وأكثر ما رغب في إفادة الناس في تلك الأيام.
والأخذ عن حضرة الشيخ من الصعوبة بمكان لا يتمكن منه إلا ذو موهبة وذكاء مفرط، لديه دراسة واعية مسبقة للكتاب الذى يريد قراءته عليه، وحينئذ يتأتى له فهم ما يلقيه، وحضرة الشيخ رغم أنه كان يجعل السهل أكثر