الشيخ حلوى مسقط، ووزّعها بين أصحابه، فرحا بخدمته القرآن الكريم في قيام الليل، ولم يكن عرف -بعد- كمستظهر للقرآن الكريم، وظلّ يقرؤه بصوت خافت، ويجمعه، ويحفظه، خلافا لما تقرّر لدى حفظة القرآن الكريم، من أن الجهر بالقراءة مدعاة لتمكّنه من القلب.
وكان يذكر -فيما بعد- أنه حفظ القرآن الكريم، وجمعه بما قرأه خلال شهر رمضان عامين متواليين، وكان من ديدنه ألا يزيد في الاستظهار خلال مجلس واحد على ربع جزء أو يزيد قليلا.
هذا، وإذا رأيته يقرأ في قيام الليل والناس وراءه قيام رأيته مَرِسا متمكنا من حفظه، لا يتلعثم، ولا يتردد في قراءته، بل يتدفق كالسيل.
ثم أصبح يكثر من قراءته، ويطيل قيامه بالليل، ولا أنسى أنه قرأ سبعة وعشرين جزءا في كعة واحدة، فإذا أحسّ بأحد يأتم به ركع، ونهاه عن ذلك، وقام الليل كله لنفسه.
[عودته من مكة المكرمة]
وزار حضرة الشيخ الحرمين الشريفين، وعاد إلى البلاد خلال مدة تناهز سنة، وذلك عن طريق "بومبائي" و"ناسك"، ثم ركب قطارا، سار به إلى الوطن.
وفي غيبته عن البلاد أصدرت السلطات الإنكليزية -بعد ما أمعنت النظر، وقدرت الأمور- قرارا يقضي بالعفو العام، إلا أناسا بأعيانهم ممن تأكدت الشبهات حولهم، وقويت لدى الحكومة، فإنهم ظلّوا مطالبين، حيث ما وجدوا، وقضى حضرة الشيخ بعض الأيام في بيته، لا يفارقه، وأيام الغدر هذه جت على كافة المطابع في "دهلي" ويلات، دمرتها، وتركتها أثرا بعد عين، أما مطبعة الشيخ أحمد علي فلم تكن كبيرة، واسعة النطاق، فلم يجد حضرة الشيخ بدا من البقاء في وطنه،