للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[صفاته]

إذا كان بعض الأدباء يجعل (مفتاحا) لكلّ شخصية يدرّسها، ويترجم لها، فإن مفتاح شخصية الوالد رحمه الله حبّه الكمال في كلّ شؤونه، والترقّي من الحسن إلى الأحسن.

فكان رحمه الله مجمع الفضائل والشمائل، كريما غاية في الكرم، يحرص على إكرام ضيفه، بما يستطيع، ويبذل في ذلك جهده وغايته، وكان رحمه الله حليما، كثير ما يعفو، ويصفح.

وكان أديبا خلوقا، لا يؤذي أحدا بكلامه، يحترمه، ويثني عليه، ويختار في ذلك الألفاظ الراقية، وكان عاقلا حصيفا أريبا، لا تخرج الكلمة منه إلا بوزن، وفي موضعها المناسب، ولا يقوم بأمر إلا ويزنه بعقله، وطالما قال لي استعمل عقلك في كلّ ما تقوم به.

وكان ظريفا، خفيف الروح، يمازح جلساءه بالقدر المناسب، ويضفي على مجلسه العلمي والطبعي روح اللطافة والظرافة، بما يناسب مقام المجلس، ويخفّف من وطأة الوقار، لكن في ظلّ التأدّب والاحترام.

وكان ذوّاقة جدا في ملبسه ومشربه ومسكنه وكتبه، ترتيبا وكتابة وتأليفا، حتى في صفه لحذاءه وتنعلّه، وهكذا تراه في كلّ حركة وسكنة عاقلا ذوّاقا.

وكان عفيف اللسان، لا يشتم أحدا، ولا أذكر أني سمعت منه كلمة نابية، إلا من أندر النادر، وحينما يغضب جدا، وأكثر غضبه لله سبحانه وتعالى.

وكان عفيف النفس، لا يطلب من مسؤول أمرا لذاته، وإنما لأحبابه وإخوانه.

وكان صبورا على الطاعة والابتلاء، حريصا على الصلاة، حرصا شديدا، مؤدّيا لها في أول وقتها في الحضر والسفر والتعب والمرض، غارسا

<<  <  ج: ص:  >  >>