في هذا الجوِّ العلمى الكريم نشأ القاضي محمَّد تقيّ العثماني يتقلَّب في مجالس العلم تعلُّمًا وتعليمًا، فترك هذا - فضلًا عمَّا آتاه الله من فكر وقَّاد، وحافظة قوية، وصفاء نفس، وسلامة صدر - أثرًا كبيرًا على نُبوغه على تلك الصِّفة الكريمة، التي ملأت الأسماع ثناءً جيلًا في الأوساط العلمية، وآثارًا علمية ازدانت بها المكتبةُ الإسلامية.
[طلبه للعلم]
بدأَت دراسةُ القاضي محمَّد تقيّ العثماني الابتدائية في المنزل على يد والدته، حيث درَّسته كتابَيْ "بهشتي جوهر" و"سيرة خاتم الأنبياء" باللغة الأُرْدية، ولما أسَّس والدُه مدرسة دار العلوم في كراتشي التحق بها، وتلقَّى هناك بعضَ المواد بالفارسية والأردية.
ثم دخل مرحلة الدَّرس النِّظامي المعروف في شبه القارَّة الهندية، وهو ابنُ ثماني سنوات، وتخرَّج منها سنة ١٣٧٩ هـ، ونال الشَّهادة العالمية بدرجة امتياز.
وحاز في هذه المرحلة قسطًا وافرًا من علوم الشَّريعة وعلوم الآلة، فقد درس علم الكلام، والتَّفسير، والحديث، والفقه، وأصوله، والفرائض، والعلوم المتَّصلة بالأدب العربي.
وقد شعر إبَّان هذه المرحلة بأن المنهاج الذي درس ربما يقصِّر عن مواجهة الأوضاع الرَّاهنة، وما يستجدُّ عليها من تحوُّلات، فاتَّجه لدراسة الحقوق والعلوم الاقتصادية والسِّياسية، ونال شهادة الإجازة في الاقتصاد والسِّياسة من جامعة كراتشى سنة ١٣٨٤ هـ (١٩٦٤ م)، كما نال الإجازة في الحقوق من الجامعة نفسها سنة ١٣٨٧ هـ (١٩٦٧ م).