وقد صحّ في الحديث الشريف عن عائشة وأنس رضي لله عنهما مرفوعا:(ما من ميت تصلى عليه أمة من المسلمين يبلغون مائة كلّهم يشفعون له، إلا شفّعوا فيه). وعن ابن عبّاس رضي الله عنهما مرفوعا:(ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلا، لا يشركون بالله شيئا إلا شفّعهم الله فيه).
[مبشراته]
دخل الوالد رحمه الله في شبه غيبوبة قبل وفاته بأربعة أيام، لعلة في بطنه سبّبت وفاته، وقد جاء في الحديث الصحيح: المبطون شهيد، وكان قبل دخوله أجريت له عملية غسيل كلوي، ولما دخلت عليه بعد عملية الغسيل كان لسانه يلهج بالشهادة كثيرا دون فتور، ثم إنه عندما فاضت روحه الشريفة إلى بارئها نطق بكلمة التوحيد مختتما بها عمرا، قضاه في خدمة الإسلام والمسلمين. و (من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة).
وكانت أصبعه السبّابة مرتكزة على الوسطى كحال المرء لما يتشّهد، وبقيت على ذلك إلى حين تغسيله ودفنه.
[خاتمة]
أذكر فيها وقائع سامية، حصلت منه في أواخر أيامه رحمه الله، فمن ذلك: أنه قبل دخوله المستشفى بأيام زاره أحد الأدباء، وتداول الحديث، فذكر له ذلك الأديب أن هناك بحثا عن "كتاب الاعتبار" لأسامة بن منقذ، وكان الوالد رحمه الله قد اعتنى بهذا الكتاب، لكن لم يدفعه للطبع، فطلب رحمه الله منه نسخة من ذلك البحث، وهو على فراش المرض، يطارح الآلام والأسقام، قدّس الله روحه.
ومن ذلك: أن إحدى أخواتي وفَّقهن الله كانت بجانب سرير الوالد رحمه الله، هو في مرضه الأخير الشديد، فأرادت أن تشرب، وأمسكت الكأس بيدها اليسرى من ذهولها بحاله ومرضه، فأشار إليها الوالد، فلم