في مشروعات المؤتمر، وجميع ما ألقى منه في الاحتفال، وما شاع في الجرائد من خطاباته، كل ذلك كان بقلمه، حيث أصبح الشيخ الدهلوي مريضا لم يستطع القيام بأعبائه.
[هجرته إلى باكستان]
إن حكم الله تعالى عجيبة، ولا يمكن لبشر أن يبلغ كنهها، وقد سبقت المشية الأزلية على أن يسافر هذا العالم الكبير، وهذه الداعية إلى أرض "باكستان"، وينتفع بعلومه أهالي "باكستان"، وينور به أقطار المسلمين، فهيأ له أسبابا للهجرة، وألح عليه الشيخ شبير أحمد العثماني، والشيخ بدر عالم المدني، رحمهما الله تعالى، للهجرة إلى "باكستان"، فامتثالا لأمرهما ونزولا على رغبتهما هاجر إلى "باكستان" في السادس عشر من يناير سنة ١٩٥١ م، وقد استقبله بعض الوزراء عند قدومه، وتلبية لرغبة الشيخ العثماني، والمدني أقام كشيخ التفسير في دار العلوم الإسلامية بـ "تندو الله يار" بـ "السند"، وقضى فيه ثلاثة أعوام، يشفى غليل ضيوف الرحمن طلبة التفسير والحديث، ولكن رحمة الله أرادت أن تمطر هذه الديمة، ويهطل هذا المزن على "كراتشي" وأهاليها، فسافر شيخنا رحمه الله تعالى إلى "كراتشي"، وأسّس في "نيو تاؤن" (التي تسمى الآن بـ "علامة محمد يوسف البنوري تاؤن" تقديرا لجهوده العظيمة في سبيل العلم والدين) جامعة باسم المدرسة العربية الإسلإمية، تواضعا لله جلّ وعلا، وتحرّزا عن الأسماء، التي تدلّ على جلالته أو مكانة جامعته، وفتح في هذا المعهد العلمي فرعا للتخصّص للطلبة، الذين تخرّجوا من المدارس، وحصلوا على الشهادات العالية، وهكذا بدأ هذا المركز العلمي، ولكن نزولا على رغبة الطلاب الوافدين إليها من كل فج عميق، ونظرا إلى إصرار المخلصين فتح فيه القسم الثانوي والعالي أيضا.