وموعدنا في الكلام عن الباحث إلى تقوّلات النقلة فيه المبحث الآتي، فسندافع عنه فيما هو مظلوم فيه، إن شاء الله تعالى بما نرجو مثوبة فيه.
التحدّث عما رماه به بعض الجارحين
من خصوم المنزّهين:
لابن عدي انحراف عجيب عن أبي حنيفة وأصحابه، فلا تجد في كتابه "الكامل" كلمة واحدة في الثناء على واحد منهم، بل كلامه كلّه تجريح وتشنيع فيهم، مع أنهم قادة الأمة في الفقه، والعقيدة من أقدم العضور إلى اليوم، وإلى ما شاء الله، بل لا يستطيع أحد ممن يعي ما يقول أو يقال له توهين مداركهم في الكتاب والسنة في الفروع والأصول والعقيدة، بل باقي أرباب المذاهب الفقهية انتهجوا مناهجهم الفقهية باستدراك طفيف، يناقشهم المتأخّرون في ذلك، وسبقهم بالفضل تحت اعتراف الجميع، إلا من طَمَسَ الله بصيرته، فأصبح يتخبّط في مكابرة الحقائق، ولذا قال ابن الأثير في "جامع الأصول" ما معناه: لولا أن الله سبحانه جعل سرا في أبي حنيفة لما اتخذه شطر الأئمة المحمدية قدوة في دين الله، يتعبّدون الله بمذهبه من أقدم العصور إلى اليوم، ثم يشكو مر الشكوى من بعض أهل مذهبه، حيث يتحاملون على هذا الإمام الفذّ، وأطال الكلام في ذلك.
والواقع أن أقلّ ما يقال في أتباعه: إنهم شطر الأمة المحمدية. والصحيح أنهم ثلثا الأمة، كما حقّق على القارى في "شرح المشكاة"، والتدليل على ذلك سهل ميسور، فيكون التطاول والتحامل عليه استهانة وعداء وتحاملا على معظم الأمة المحمدية، ووزر ذلك لا شكّ عظيم. ونحن على استعداد للنظر في كل نقد يوجّه إلى واحد من أئمتنا، وقبول ما يبرهن عليه منها بكلّ