عشرة ليلة، فندب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس، واستخلف على "المدينة" سباع بن عرفطة الغفاري، وخرج لخمس ليال بقين من شهر ربيع الأول في ألف من المسلمين، فكان يسير الليل، ويكمن النهار، ومعه دليل له من بني عذرة، يقال له: مذكور، فلما دنا منهم إذا هم مغربون، وإذا آثار النعم والشاء، فهجم على ماشيتهم ورعاتهم، فأصاب من أصَابَ، وهرب من هرب في كل وجه، وجاءَ الخبر أهل "دومة"، فتفرَّقوا، ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بساحتهم، فلم يجدْ بها أحدا، فأقام بها أياما، وبثَّ السرايا، وفرَّقها.
[٢٨ - غزوة رسول الله صلى الله عليه وسلم المريسيع]
ثم غزوة رسول الله صلى الله عليه وسلم "المريسيع" في شعبان سنة خمس من مهاجره، قالوا: إن "بني المصطلق" من خزاعة، وهم من حلفاء بني مدلج، وكانوا ينزلون على بئر لهم، يقال لها:"المريسيع"، بينها وبين "الفرع" نحو من يوم، وبين "الفرع" و"المدينة" ثمانية برد، وكان رأسهم وسيدهم الحارث بن أبي ضرار، فسار في قومه، ومن قدر عليه من العرب، فدعاهم إلى حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأجابوه، وتهيؤوا للمسير معه إليه، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبعث بريدة بن الحصيب الأسلمى يعلم علم ذلك، فأتاهم، ولقى الحارث بن أبي ضرار، وكلمه، ورجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبره خبرهم، فندب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إليهم، فأسرعوا الخروج، وقادوا الخيول، وهي ثلاثون فرسا في المهاجرين منها عشرة، وفي الأنصار عشرون، وخرج معه بشر كثير من المنافقين، ولم يخرجوا في غزاة قط مثلها، واستخلفَ على "المدينة" زيد بن حارثة، وكان معه فرسان لزاز والظرب، وخرج يوم الاثنين لليلتين خلتا من شعبان، وبلغ الحارث بن أبي ضرار ومن معه مسير رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه قد قتل عينه الذي كان وجهه ليأتيه بخبر رسول الله صلى اللّه عليه وسلم، فسيء بذلك الحارث ومن معه، وخافوا خوفا شديدا، وتفرَّق من كان معهم من العرب، وانتهى