ولما بلغ الشيخ في العلم نضجه وفي الكمال أوجه انبرى للتدريس والتعليم، حيث عين أستاذا في جامعة جيري بعد قفوله من "الهند" عام ١٣٤٥ هـ مباشرة، وفوّض إليه إلقاء المحاضرة في أصعب الموادّ الدراسية من المنطق والفلسفة والحكمة اليونانية، وكان آية في الذكاء وسرعة الخاطر وجودة البيان وقوة الذاكرة وسعة العلم، وطار صيته بين الأساتذة والطلاب كلّهم، واستفاض أنباؤه بحلّ المعضلات بيسر وسهولة، وتحليل المرام بنمط رائع، يتضح به للأغبياء والأذكياء على السواء.
وكان يلقى الدروس على طراز بديع وأسلوب أنيق مقرّب إلى الأذهان والأفهام، يسرّ الدارسين، ويأخذ انتباههم، ويفصح عن مؤدّى الكلام، ومغزاه بيسر، حتى بدأ الطلاب يتقصّفون، ويقبلون على حلقات دروسه إقبالا مدهشا، ويشهد محاضراته طلبة المراحل العليا، التي ليس لديه محاضرة من محاضراتها، وامتاز طرق تدريسه بما يلي:
١ - استعراض الكلام المسهب باقتضاب، حتى يفهمه الطلاب بيسر.
٣ - والتهيأ والاستعداد قاب المستطاع قبل أن يحضر قاعة الدرس لإلقاء الدروس على الطلبة بطرق ميسّرة للفهم.
٤ - مطالعة الأسباق وترديدها مرة تلو أخرى قبل إلقائها.
هذا وكان يفزع إليه العلماء المهرة لفتح العبارات المغلقة والمسائل المعضلة، فها هو العلامة الفهامة البحّاثة الشيخ أبو الحسن شيخ التفسير للجامعة الإسلامية معين الإسلام هاتهزاري، قد ذهب إليه مرة ليستوضحه بحث "الوجود الرابطي"، من الكتاب "حمد اللَّه"، وبحث جزء لا يتجزأ من الكتاب "صدرا"، ثم أعرب عن تأثره به قائلا: لقد قرعت أبواب كبار أساتذة