بإعداد الشيشة، والرجل طوع أبيه، فأعدّها وأحضرها، ولما بلغ الناس ذلك لاموا والده على ذلك، فأجابهم لقد ندمتُ كثيرا، إذ أمرته بذلك، ثم لم يعدْ إليه.
وكان يعزّ عليه أن يرى ابنه جليس المسجد، فيه يبيت، ويطعم، ويشرب، واتخذ لنفسه زملاء: اثنين أو ثلاثة، يشاركونه في شيخه الذي بايعه، وطلب منهم أن يحضروا وجباتهم إلى المسجد، كما يحضر هو وجبته إليه، فيتشاركون في طعامهم وشرابهم.
[معاناته وصبره]
وتعوّد السير على الأقدام، والصبر على المعاناة، مما يعزّ على والده، وقد بلغ من عنائه أنه كان يغتسل إذا احتاج إليه في الهجيع الأخير من الليل في بركة، في ليل قارّ شديد البرد، يصطك لها الأسنان، وتتمشّى الرعدة في سائر البدن، رغم ما كان يتوفّر من الماء الساخن في المسجد، وذلك حياء من الناس لا غير.
[أذكاره وأعماله]
لقد مارس حضرة الشيخ أعمالا شاقّة، يروّض بها نفسه، ويزكّيها، تقصر دونها الهمم، واستمرّ على الأشغال الشاقّة، مثل حبس النفس بالإضافة إلى التسبيحات الاثني عشرية، مما داوم عليها، فانتابت مزاجه حرارة شديدة أطارتْ شعره، ولم تزل بصورة أو أخرى، إذ هذه الحرارة مصدرها القلب، ولا سبيل لدفعها وتسكينها، فأصيب بمرض أودي به.
[توارد المعاني الأفكار]
وتتوارد إليه المعاني والأفكار، وتواتيه، ليختار منها ما يشاء، ويرجئ ما يشاء، وكان يقول: وقد تصيبني حيرة فيما أختار منها، وما أدع، كثيرا ما كان يخرج على موضوعه حين يسهب في الخطبات حيث تواتيه