انفرادات في الناحيتين على أن الموافقة لإمام في الرأي في بعض مسائل الأصول أو الفروع عن علم بأدلتها لا تخلّ بالاجهاد المطلق أصلا، كما أوضحت ذلك في كثير من المواضع، والله سبحانه أعلم.
[كلام أهل النقد في زفر]
قال الذهبي في "الميزان": أحد الفقهاء والزهّاد، صدوق، وثقه غير واحد، وابن معين. وقال ابن سعد: لم يكن في الحديث بشئ. لعلّه يريد قلّة حديثه، لأنه يقال: فلان لم يكن في الحديث بشئ. بمعنى أنه قليل الحديث -يعني في نظر القائل- كما في "الرفع والتكميل" لعبد الحي اللكنوي، وهذا ربما يسلم بالنظر إلى علم ابن سعد فقط، وإلا فزفر على علوّ منزلته في الاجتهاد حافظ معروف بالإتقان عند ابن حبّان وغيره.
وقال ابن حجر في "اللسان": قال ابن أبي حاتم قرئ على عبّاس الدوري، وأنا أسمع، سمعت أبا نعيم الفضل بن دكين، وذكر عنده زفر، فقال: كان ثقة مأمونا. قال العبّاس: وسمعت يحيى، وهو ابن مَعين - يقول: هو ثقة مأمون. وذكره ابن حبان في "الثقات". وقال: كان متقنا حافظا، لم يسلك مسلك صاحبه، وكان أقيس أصحاب أبي حنيفة، وأكثرهم رجوعا إلى الحق، توفي بـ "البصرة" في ولاية أبي جعفر، وقد وقع لنا حديثه بعلوّ في حديث ابن أبي الهيثم. ثم لخّص ابن حجر كلام العقيلي، وقال: قال أبو موسى محمد بن المثنى، ما سمعت عبد الرحمن بن مهدي يحدّث عن زفر شيئا قط، وقال أيضا: حدّثنا معاذ بن معاذ، قال: كنت عند سوار (١) القاضي، فجاء الغلام، فقال:
(١) أستمر سوار على قضاء البصرة من سنة ١٣٨ هـ إلى وفاته في ذي القعدة سنة ١٥٦ هـ كما ذكره ابن حبان ثم خلفه ابنه عبد الله في قضاء البصرة فلا يتصور تولي زفر قضاء البصرة لا في حياة أبي حنيفة ولا بعد وفاته.