للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

زفر بالباب، فقال: زفر الرأي، لا تأذن له، فإنه مبتدع. فقيل له: ابن عمّك قدم من سفر، ولم تأته، ومشى إليك، فلو أذنت له، فأذن له فما كلّمه كلمة، حتى خرج.

وقال بشر بن السري: ترحمت يوما على زفر، وأنا مع سفيان الثوري، فأعرض بوجهه عني. ثم ذكر ابن حجر عن أبي الفتح الأزدي: زفر غير مرضيّ المذهب والرأي.

وذكر عن ابن عدي أنه قال الحارث بن مالك: إن أول من قدم "البصرة" برأي أبي حنيفة زفر، وسوار بن عبد الله على القضاء، فاستأذن عليه، فحجبه، وسعى بي إليه، فقلت: أصلحك الله، إن زفر رجل من أهل العلم ومن العشيرة، قال: أما من العشيرة فنعم. وأما من أهل العلم فلا، فإنه أتانا ببدعة: برأي أبي حنيفة. فقلت: إنه يحبّ أن يتزيّن بمجالسة القاضي، قال فائذن له على أن لا يتكلّم معنا في العلم.

فإذا تهرّب سوار على ضيق دائرة روايته من كلام زفر معه في العلم لا يتعجّب، لأن مثل الحجّاج بن أرطاة القاضي المعدود في الحفّاظ على سعة دائرة روايته كان يحجب زفر عنه، تهرّبا من كلامه معه في العلم، وأما عدّ رأي أبي حنيفة بدعة فما يردّه عمل فقهاء الأمة من الصحابة والتابعين، كما تجد مصداق ذلك في "الفقيه والمتفقه" للخطيب البغدادي، و"جامع بيان العلم وفضله" لابن عبد البر، ومن أنكر الفهم في الكتاب والسنة، وردّ النظير إلى النظير فهو المبتدع، كما ذكرنا ذلك فيما علّقناه على "النبذ" لابن حزم.

وأما حال سوار القاضي هذا -وهو الجدّ لا الحفيد- فلم يخرج عنه واحد من أصحاب الأصول الستة على تقديم زمنه، وفيه يقول شعبة: ما تعني في طلب العلم وقد ساد، (١) وقال الثوري: ليس بشيء. وذكره العقيلي في


(١) وقد ورد: تعلموا قبل أن تسودوا. (ز).

<<  <  ج: ص:  >  >>