بحيث ما حاوره أحد إلا ويعرف عجزه، ويعترف بفضله إلا أنه كان يغلب على طبعه العلوم العقلية.
وكان فائقا في تلك العلوم أهل عصره، وكان في سائر العلوم مشاركا للناس، وأما زهده وورعه فعلى جانب عظيم، بحيث لم يخلف شيئا من الدنيا، وكان راضيا من العيش بالقليل، وكان يستوي عنده الخشن واللين والخسيس والنفيس، وكان محترزا عن حقوق العباد.
وكان صدوقا، بارا، قوّالا بالحق، لا يخاف في الله لومة لائم، ولد رحمه الله تعالى سنة أربع وسبعين وثمانمائة.
وتوفي سنة أربع وخمسين وتسعمائة، ودفن عند قبر والده بمدينة "بروسه". روّح الله تعالى روحه.
* * *
٢٨٨٥ - العالم الفاضل المولى عبد الرحمن بن يونس الإمام *
ذكره صاحب "الشقائق"، وقال: قرأ على علماء عصره، حتى وصل إلى خدمة المولى الفاضل سيّدى محي الدين القوجوي، ثم صار مدرّسا ببعض المدارس.
وتوفي في سنة اثنتين وخمسين وتسعمائة.
كان عالما ذكيا، قويّ الفطنة، جيّد القريحة.
وكانت له نسبة خاصّة بعلم الكلام، وكان قد حلّ غوامضه، وحقّق مطالعته، فلما رأيت في هذه العلوم من وصل إلى تحقيقه.
وكان لذيذ الصحبة، حسن المحاورة، لطيف المحاضرة، وقد قتل شهيدا. نوّر الله تعالى مضجعه.