ينشقّ الجدار، ويذهب، قال: ولما برئت من المرض، قال الرجل: لا أجيء بعد هذا، فقلت: من أنت؟
قال: إن أردت أن تعرفني، فاخرجْ من المدينة، واذهب مع المسافرين، وأنت تجدني، قال: وبعد أيام خرجت من المدينة، وذهبت مع بعض من أهل القري، فقال بعضهم في الطريق: إن ههنا قرية لطيفة الهواء، وهناك رجل يدعى بالعالم الأسود، فعرفت أن الرجل هو ذاك، فتوجّهت إلى تلك القرية.
ولما وصلت إليها تلقّاني ذلك الرجل، وهو يضحك، فإذا هو الرجل الذي جاء إليّ في مرضي، وأقمت عنده ذلك اليوم، ولما جاء وقت العصر أردنا أن نصلّي العصر، قال: نصلّى العصر هناك، وأشار إلى مكان مرتفع، فلمّا علوناه، قال: كيف هذا المكان؟ قلت: في غاية اللطافة، قال: ننظر من هنا إلى الكعبة، قلت: هكذا، قال: نعم، قال: انظر، فنظرت، فإذا الكعبة قدّامنا، فصلّينا العصر هناك، ولم تغب الكعبة عن أعيننا إلى أن أتممنا الصلاة.
وحكى لي ثقة عن ثقة أنه قال: رأيت المولى المذكور في المنام بعد وفاته، قال لي: إن في عمارة السيّد البخاري بمدينة "بروسه"رجلا مسافرا، يريد أن يزورني، فدلّه على قبري، قال: قال: فذهبت صبيحة تلك الليلة إلى المقام المذكور، فوجدت هناك رجلا مسافرا، قال: فقلت له: ماذا تريد؟ قال: أريد زيارة المولى عبد الرحمن، فذهبت به إلى قبره، قال: فلمّا جلس فهمت منه أنه استثقلني، فدخلت المسجد، فاستمعت أنهما يتحدّثان، وسمعت صوت المولى المذكور كما هو في حياته، فلمّا انقطع كلامهما، خرجت من المسجد، ولم أر أحدا عند قبره، قال: فطلبت أطراف ذلك المكان، فلم أجد أثرا من ذلك الرجل.
وكان له حكايات مع المشايخ الكبار تركناها خوفا من الإطناب، وهذا حاله مع المشايخ، وأما حاله في العلم فإنه كان محقّقا مدقّقا، لا يمكن لأحد أن يتكلّم معه، وكان يقدر على تقرير الفنّ الواحد في مدّة يسيرة، مع وجازة تقرير ووضوح، بحيث يفهمه كلّ أحد، وكانت له في المحاورة يد طولى