بلغنا مرضه هنا في "ديوبند" في اليوم التالي منه، فقصد الحافظ أنوار الحق يومه إلى "سهارن فور" ليرجع بحضرة الشيخ صباح الغد إلى "ديوبند"، فعاد إليها، وقد تبدلت حالته من سئ إلى أسوأ، واحتبس نَفَسه، فاضطرّ إلى الافتصاد، مما سكن ألمه لبرهة، ثم وَخَزَه الألم، فاتخذ له العلق لتطيب نَفَسه لمدة يومين أو ثلاثة، ويتنفس الصعداء، وطلب له خلال هذه المدة أدوية من "دهلي"، تقوى جسده، وتبعث فيه النشاط والقوة، وقد بلغ به الجهد كلّ مبلغ، لا يطاوعه لسانه، إلا بشق النفس، واشتدّت به الحرارة، وربما يسوده غفلة، فناولوه (الملين)، ثم بدأ لهم إعادته، ففعلوا فازداد غفلة وذهولا، وظلّ يجاوب الناس، حتى دخل الظهر، وقد غلبه الإغماء، ونبّهوه للصلاة، فلم يزد أن قال: نعم، لم يستطع أن يقوم إلى التيمم لا الصلاة، فأخذ شيء من اليأس يدب إلى قلوبنا.
[رحلته إلى الدار الباقية]
وفي آخر يوم من حياته انعقد لسانه، وأخذت عصباته تتشنج، فعلمنا احتضاره وإشرافه على الموت، ثم مضى الليل ونهاره، والليل التالي، حتى انتصف النهار يوم الخميس، وقد حضره أصحابه جميعا من "أمروهه"، و"مراد آباد"، و"سهارن فور"، و"كنكوه"، و"نانوته"، وغيرها، لفَظَ نفسه الأخير عقب صلاة الظهر من يوم الخميس في الرابع من شهر جمادى الأولى عام ١٢٩٧ هـ، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
فقامت القيامة، ووقع ما تخوّفناه، وغصت الدار بمن فيها، وضاقت عنهم، فنقل جثمانه إلى المدرسة، حيث بقي، حتى تم غسله وتكفينه.
ودفن في بقعة خارج البلد، وقفها الطبيب مشتاق أحمد كمقبرة له يومئذ، فكان أول من قبر في تلك البقعة حضرة الشيخ، وصلى عليه قبيل صلاة المغرب في فناء البلد، وحضرت الصلاة عليه خلائق كثيرة، لم تشهد