وكان المرزا كوكه عزيز حاكم "مالوه" آنذاك أقام الشيخ عنده قليلا، ثم سافر منها إلى "ماندو"، حيث حضر عنده مؤلّف "كلزار أبرار"، واكتسب منه فوائد الفلاح والسعادة، ثم ارتحل منها إلى "كجرات"، وكان بها تلك الأيام المرزا نظام الدين أحمد، مؤلّف "طبقات أكبري" على منصب بخشي (أمين بيت المال"، واستقبل الشيخ، ورحّب به ترحيبا حارا، استنزله بها بإلحاح إلى الموسم القادم، وحضر الشيخ المحدّث عبد الحق الدهلوي في "أحمد آباد" لدى الشيخ وجيه الدين العلوى، واسفاض من صحبته، يقول في "أخبار الأخيار": ولما وصل كاتب هذه السطور إلى "كجرات" في رحلته إلى زيارة سيّد الكون صلى الله عليه وسلم سَعَد من بين مشايخها المتأخّرين بزيارة الشيخ وجيه الدين المعمّر والمرتاض، جامع الكمالات والبركات، والمشتغل بتدريس العلوم وتأليف الكتب وتدوينها، وإرشاد الطالبين، وتشرّف بالاشتغال ببعض الأذكار والأشغال لديه في الطريقة القادرية العالية.
في حضرة الشيخ عبد الوهّاب المتقي:
وصل الشيخ المحدّث عبد الحق الدهلوي إلى "الحجاز" سنة ٩٩٦ هـ، وأقام بها إلى سنة ٩٩٩ هـ، وقضى هذه المدّة كلّها تقريبا في جوار الشيخ عبد الوهّاب المتقي، فأتم دراساته العلمية عليه، وأخذ منه طرف الإحسان والتزكية والسلوك.
يواجه العالم الناشئ بعد إتمام دراسته الرسمية مرحلة صعبة في حياته، إنه يحتاج إلى مرشد يوجّه كنوزه العلمية نحو الأمور البناءة، يثقل قلبه وعقله، بعبء من العلم، ولا يتخفّف، حتى يتعين طريق مستقيم لاستعماله، وإن زلّة صغيرة في هذه المرحلة تلغي جميع مجاهداته طول حياته، كان الشيخ المحدّث عبد الحق الدهلوي سعيدا أن ظفر بمرشد كامل وجّه كفاءاته العلمية، وصلاحياته العملية التوجيه الصحيح.