للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حُكيَ عَنهُ أنه قَالَ: ذهبت إلى الْجَامِع الْمَذْكُور، وَأَنا على زِيّ طلبة الْعلم، فأذن لصَلَاة الظّهْر، وَقَعَدت فِي زاوية من الْمَسْجِد، وَقلت فِي نَفسِي: أمتحن الشَّيْخ قبل الْوُصُول إليه، فتوجهت إليه، فظهرت يَد من جَانب الْقبْلَة أرى الْيَد، وَلَا أرى الشَّخْص، فجذبتني إلى صف آخر فِي قدامي، وَهَكَذَا إلى ثَلَاث مَرَّات.

وَلما أقيم للصَّلَاة خرج الشَّيْخ، وَصلى هُوَ مَعَ النَّاس، وَلما فرغوا من الصَّلَاة ذهبت إلى الشَّيْخ لأقبل يَده، فَإِذا هِيَ الْيَد الَّتِي جذبتني، وقبلتها، وَقَالَ لي: إنك شَدِيد الامتحان، أما كَانَ يَكْفِيك أن تمتحني مرّة وَاحِدَة.

ثمَّ اعتذرت إليه، وَطلبت مِنْهُ الْقبُول للْخدمَة، قَالَ: إنها عسيرة، فأبرمت عَلَيْهِ، قَالَ: أجربك أولا، قَالَ: إن هَذِه الجرار الَّتِي ترَاهَا مهيأة للصوفية، هَل تقدر أن تَأتي بهَا الماء؟ قَالَ: فَقُمْت فِي ذَلِك الْوَقْت، ورميت الثِّيَاب الَّتِي على ظَهْري، ونقلت بِتِلْكَ الجرار الماء إلى الزاوية، وَعرف الشَّيْخ صدقي، فقبلني، ورباني، حَتَّى وصلت بهمته إلى الْمَرَاتِب الْعلية.

كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما، زاهدا، مشتغلا بِالْعلمِ وَالْعِبَادَة، وَكَانَ سَاكِنا على جبل من جبال "أسكوب"، وَكَانَت لَهُ صومعة على الْجَبَل، وَكَانَت رُعَاة الْكَفَرَة يرعون الْغنم حولهَا، وَكثير مِنْهُم أَسْلمُوا لما رَأَوْا من رياضته وزهده وعبادته فِي اللَّيَالِي.

وَمَات رَحمَه الله تَعَالَى على تِلْكَ الْحَال، وقبره بِالْمَدِينَةِ المزبورة، قدّس سرّه.

* * *

٤٠٨٣ - الشيخ الفاضل مولانا لطف الله البِشَاوري *


* راجع: مقالات يوسفي: ١: ٢١٨، ٢٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>