بما أنّه رحمه الله تعالى كان يجمع بين المؤهّلات والاهتمامات الكثيرة التي أشرنا إليها من قبل، وبين العلوّ في النسب الديني والنسب الطيني، وبين الوجاهة، والجمال الرجالي، والوقار العلمي، واللسان العذب.
وبما أنَّ الجامعة الإسلامية دار العلوم ديوبند، مهوى أفئدة الشعب المسلم في شبه القارة الهندية وأكبر وأقدم جامعة خاصّة بالمسلمين في هذه الديار، إليها يفزعون في كلّ ما يحزبهم من مشكلة دينية، ومنها يستنيرون في كلّ ظلام قاتم، وبها يلوذون في كلّ ما يمسّ الدين والعقيدة في هذه البلاد.
وقد أتيح له رحمه الله تعالى، أن يخدم مثل هذه الجامعة عبر هذه المدّة المديدة، التي تقارب ستين عاما، فأكسبه ذلك من الشعبيّة والإعجاب والتقدير ما لم أعرفه في حياتي أنا لأحد من علماء الدين، ورجال الأوساط الإسلامية، الذين عايشتُهم، إلا القلائل، الذين عرفوا بإخلاصهم وربّانيتهم وتعمّقهم في الكتاب والسنّة، مثل العلامة المحدّث الشيخ زكريا بن يحيى الكاندهلوي، الذي وافتْه المنية في "المدينة المنوّرة" في ١ شعبان ١٤٠٢ هـ.
فمن أجل ذلك كلّه انساقتْ إليه مناصب متنوّعة، ولا سيّما منصب الرياسة والإشراف العام على عدد من المؤسّسات والهيئات الإسلامية، التي تضمّ مختلف القطاعات الدينية، والمذاهب الفكرية، والجماعات، والمنظّمات الإسلامية.
استقالته من منصب رئيس الجامعة قبل وفاته بأقلّ من عام:
في ١٨ ذو القعدة ١٤٠٢ هـ استقال الشيخ إلى المجلس الاستشاري للجامعة من منصبه لكبر سنّه وانحرافاته الصحيّة وتعقّد الأمور الإداريّة في الجامعة آنذاك، حيث كان في ٨٧، ٨٨ من عمره عند الاستقالة، فقبل المجلس استقالتَه مع إبداء الأسف والتقدير لخدماته الجليلة الطويلة.