الحمد لله الحكم العلي الكبير، اللطيف الخبير البصير، الذي خلق كل شيء فأحسن التقدير، ودبَّر الخلائق فأكمل التدبير، وقضى بحكمته على العباد بالسعادة والشقاوة، فريق في الجنة، وفريق في السعير، وأرسلَ رسلَه الكرام بأصدق الكلام وأبين التحرير، وختمَهم بالسيّد أبي القاسم البشير النذير، السراج المنير، فأرسلَه رحمةً للعالمين من نار السعير، وحفظ شريعتَه من التبديل والتغيير، وصيّرَ أمتَه خيرَ أمة أخرجتْ للناس، فيا حبّذا التصيير، وجعلَ فيهم أئمةً سادةً وفقهاءَ قادةً من الصحابة والتابعين، ومن تبعَهم إلى يوم الدين، الذين يدققون النقيرَ والقطميرَ، ويتبصّرون في ضبط آثار نبيهم أتمَّ التبصير، ويتعوّذون باللّه من الهوى والتقصير.
ما أعظم شانَه، أشكرُه شكرا جزيلا على أنه جعلَ اختلافَ المذاهب رأفة ورحمة، وافتراقَ المضارب فضلا ونعمة، فبأيّها اقتدى بنو آدم اهتدى إلى طريق الجنان.
وأشهدُ أن لا إلهَ إلا الله وحدَهـ لا شريكَ له شهادةً أدّخرُها لسؤال منكَر ونكير، وأردفُها بشهادة أن محمد عبده ورسوله خير في وأصدق نذير، صلى الله عليه وعلى آله أولي العزم والتشمير.
أما بعد فيقول العبد الفقير إلى الله جلَّ وعلا محمَّد حفظ الرحمن بن العلامة المحدث محب الرحمن بن القاري حمير الدين الفِنُوَائي الكُمِلَّائي البَنْغَلادِيْشي تجاوزَ الله عن ذنبه الجلي والخفي: إن علم التاريخ أجلّ ما يطالعُه ذوو العقول، وأعزّ ما ينتفع به الجهول، وأفضل ما يعانيه نقّاد الفحول، وأعلى ما يتبصّر الغفول، وفيه عبرةٌ لمن اعتبر، وموعظةٌ لمن افتكر، ولهذا الفن شعب متفرّقة وصنوف متشتّة، وأجلّها فن تراجم الكبار وأخبار الأخيار، من الأئمة المهتدين والعلماء العاملين، والفضلاء المحققين والمحققين الفاضلين، ممن لم يردْ