رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى "المريسيع"، وهو الماء، فاضطرب عليه قبته، ومعه عائشة وأم سلمة، فتهيؤوا للقتال، وصفَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابَه، ودفع رايةَ المهاجرين إلى أبي بكر الصديق، ورايةَ الأنصار إلى سعد بن عبادة، فرموا بالنبل ساعة، ثم أمرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابَه، فحملوا حملةَ رجل واحد، فما أفلت منهم إنسان، وقتل عشرة منهم، وأسر سائرهم، وسبى رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجالَ والنساءَ والذريةَ والنعمَ والشاءَ، ولم يقتل من المسلمين إلا رجل واحد.
[٢٩ - غزوة الحندق وهي غزاة الأحزاب]
ثم غزوة رسول الله صلى الله عليه وسلم الخندق، وهي غزوة الأحزاب في ذي القعدة سنة خمس من مهاجره، قالوا: لما أجلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بني النظير ساروا إلى "خيبر"، فخرج نفر من أشرافهم، ووجوههم إلى "مكة"، فألبوا قريشا، ودعوهم إلى الخروج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعاهدوهم، وجامعوهم على قتاله، ووعدوهم لذلك موعدا، ثم خرجوا من عندهم، فأتوا غطفان وسليما، ففارقوهم على مثل ذلك، وتجهزتْ قريش، وجمعوا أحابيشهم، ومن تبعَهم من العرب، فكانوا أربعة آلاف، وعقدوا اللواءَ في دار الندوة، وحمله عثمان بن طلحة بن أبي طلحة، وقادوا معهم ثلاثمائة فرس، وكان معهم ألف وخمسمائة بعير، وخرجوا يقودهم أبو سفيان بن حرب بن أمية، ووافتهم بنو سليم بـ "مرّ الظهران"، وهم سبعمائة يقودهم سفيان بن عبد شمس حليف حرب بن أمية، وهو أبو أبي الأعور السلمي، الذي كان مع معاوية بـ "صفين"، وخرجت معهم بنو أسد، يقودهم طلحة بن خويلد الأسدي، وخرجتْ فزارة، فأوعبتْ، وهم ألف بعير، يقودهم عيينة بن حصن،