تقدما حثيثا بصحبة نخبة من أولياء اللَّه المخلصين الربانيين وحاز مكانا عليا، واكتمل بدره في مدة قصيرة، وفي صفاء الباطن ونقاء القلب والتحلية بالخصائل المحمودة والتخلية عن الصفات الطوائح بلغ درجة عالية، بهرت النفوس وشدهتها، وأخذت القلوب، واجتذبتها.
وكان يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، حيث مست الحاجة إلى ذلك، دون مخافة لوم لائم فيه. وكان إذا انتهكت أمامه محارم اللَّه لم يقم دونه شيء، حتى ينتقم، ولو كان مقترف المعاصي أقرب الناس إليه وأحبّهم.
[زهده وورعه]
لقد قال النبي صلى اللَّه عليه وسلم: لا يكون المرء من المتقين حتى يدع ما لا بأس به، حذرا مما به بأس. كان الشيخ يتمثل فيه هذا الحديث النبوي بكل معانيه ومراميه. فكان يتحامى الشبهات، ويتجافى عن المباحات، فضلا عن أن يقترف المكروهات، ويجترح السيئات، وكان زاهدا في متع الدنيا الفانية وزينتها الزابلة، راغبا في نعيم الآخرة الباقى، مؤثرا ما عند ربّه من منّ النعم الباقية الخالدة على زخارف الحياة الدنيا البائدة. وكان دأبه العمل بالأحوط في الدين لا بالأيسر فيه.
[عبادته]
كان الشيخ عظيم العبادة، كثير الصلاة والصوم، لا يفتر لسانه عن ذكر اللَّه بكرة وأصيلا، وكان يهجع قليلا من الليل، ثم يقضى سائره في الصلاة والتلاوة، وذكر اللَّه تبارك وتعالى. وكان يواظب على أوراد معينة وأذكار مأثورة، كما كان شديد الشغف بتلاوة القرآن، فكان يتلو كل يوم حزبا محدّدا حيث ما حلّ، وارتحل، ولا يصرف عنه صارف.
[أخلاقه]
كان الشيخ سمح الأخلاق، دمث السلوك، متحليا بجميع الخلال الحميدة والسجايا الكريمة. ما من صفة محمودة إلا وهو يمثلها على أحسن طراز وأفضل