وكان لهذين الشيخين الجليلين استئثار بروحه. ومشاعره، لما آتاهما الله من المعارف والنبوغ، فقرأ عليهما جملة حسنة من كبار كتب السنّة، فقرأ على الأول - كما قرأ عليه أيضا الجزئين الأخيرين من كتاب "الهداية"، وهو من أعظم كتب الفقه الحنفي، التي تعتني بالدليل والتعليل والمحاكمة بين المذاهب الفقهية.
وقرأ على الثاني -الشيخ إسحاق الكشميري- "صحيح مسلم"، و "سنن السنائي"، و "سنن ابن ماجه".
وفرغ من قراءة هذه الكتب وإتقانها على هؤلاء الجهابذة في سنة ١٣١٣، وقد جاوزتْ سنّه العشرين سنة، وغدا بعد تخرّجه على يد أولئك العلماء في "ديوبند": علّاما فاضلا مرموقا، نابغا في علوم الرواية والدراية، وهو ما يزال في مقتبل شبابه، فاستشرفتْ إليه العيون، وتعلّقت به القلوب، وتوجّهتْ إليه الأنظار.
[جهوده في نشر العلم وإنشاء معاهده]
وبعد أن اكتملتْ معارفُه، ذهب إلى مدينة "دهلي"، فدرّس فيها في مدرسة عبد الرب عدّة شهور، وتفرّس فيه بعض الصلحاء من أصدقائه مخايل النجابة الباهرة، فأصرّ عليه أن ينهض بتأسيس مدرسة عربية في "دهلي"، فاستجاب لذلك، وأسّسَ فيها:"المدرسة العربية الأمينية" نسبة إلى صديقه محمد أمين، أسّسها بمساعدة أهل الخير والثروة، وكلّ مدارس "الهند" الإسلامية، وجامعاتها الدينية تقوم على إمداد أهل الإيمان واليَسَار من المسلمين، -جزاهم الله الخير-، وما تزال "المدرسة العربية الأمينية" قائمة إلى اليوم، والحمد لله.