السالكين من الرسوم المحدَثة في أهلها، من محافل السماع والمعازف، وغيرها من الاحتفالات المبتدعة فيهم بـ "الهند".
واستبدلتْ بتلك المبتدعات السنّة الصافية الزهراء، تعلّما وتعليما وسلوكا ونشرا، حتى غدتْ مَشَعّا علميا عظيما قويما، يخرج الأفواج تِلْوَ الأفواج من العلماء العاملين الواعين، الذين يجمعون إلى فضيلة العلم فضيلة العمل، مع التمسّك بالسنّة ونبذ البدعة.
وأدرك الشيخ في جامعة ديوبند رجالا، جمعوا إلى علومهم الناضجة وقدراتهم الدقيقة: رفق القول، وصدق اللهجة، وصالح السلوك والعمل، أصحاب هيئة ووقار، وأصحاب سنة وورع، وزهد وتقوي، فكستْه صحبتهم بكسائها، وأفاد منهم علما صحيحا، ورأيا صائبا، وشغفا باتباع السنّة وتحصيلها ونشرها، وبهاء في الملكات الفطرية، وجمالا في الأخلاق، والآداب.
وكان أكبر هؤلاء الأجلّة: الشيخ محمود حسن، شيخ الجامعة الديوبندية، وكان مرتويا من علوم القرآن والسنّة والفقه والأصول وغيرها من العلوم، مع مواهب فطرية عالية، فوجد الشيخ الكشميري عنده ضالّته التي ينشُدها، والعلوم التي يتطلّبها، والإمامة الفذَّة التي تُشْبِعُ نَهَمَه وتلاقي نبوغه، وتُغَذِّي طموحه وذكاءه، فملأ من معارفه ومداركه قلبه ولبّه، ونَهِلَ منها وعَبَّ، ولازم الشيخ ملازمة أكسبته الفضائل الفريدة، والعلوم الدقيقة فيما أخذ عنه.
وأخذ أيضا عن العلامة المحدّث الشيخ محمد إسحاق الكشميري ثم المدني، فاستكمل على هذين الشيخين الكبيرين، وغيرهما من شيوخ تلك الجامعة ما بقي من العلوم التي تدرّس هناك.