ونقل عن محمد بن سلام البيكندي حافظ "بخارى" أنه رأى في المنام رسول الله صلى الله عليه وسلم قادما إلى "بخارى" هو يركب جملا كما وصف في الخبر، وعلى رأسه قلنسوة بيضاء، والناس في غاية الفرح من مقدمه عليه السّلام، فأنزلوه في دار أبي حفص، وأنه رأى أبا حفص قاعدا أمام رسول الله يقرأ عليه كتابا، والرسول صلى الله عليه وسلم يستمع إليه، ويصدقه، ثم نصّ على أن أبا حفص توفي سنة ٢١٧ هـ، ودفن في تل، يقال له:"تل أبي حفص"، وأن هناك مساجد وصوامع يسكنها المجاورون، وأن الناس يتبرّكون بتلك البقعة، وأن علماء "العراق" كانوا يحيلون مشكلات المسائل عليه، وعلى أصحابه، وذكر مبلغ إقباله على العلم والتعليم والعبادة، وذكر أيضا مبلغ علوّ كعب ابنه أبي حفص الصغير في العلم، وقد ترجم أبو نصر أحمد بن محمد بن نصر القباوي هذا التاريخ إلى الفارسي سنة ٥٢٢ هـ، ولخّصه محمد بن زفر بن عمر سنة ٥٧٤ هـ، والترجمة الفارسية مطبوعة في باريز سنة ١٨٩٢ م، وقطعة من الأصل العربي مطبوعة هناك أيضا، ومن يجهل مبلغ جلالة هذا الإمام في العلم والورع يجب أن لا يجعل جهله معيارا لمعرفة منازل العلماء، فليراجع الأصل، والترجمة في ذلك (٥٤ - ٥٦) من شاء.
[وفاة الإمام أبي يوسف رضي الله عنه]
أخرج ابن أبي العوام عن محمد بن أحمد بن حماد عن أحمد بن القاسم البرتي عن بشر بن الوليد: توفي أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم القاضي رحمه الله يوم الخميس وقت الظهر، لخمس خلون من شهر ربيع الأول سنة اثنتين وثمانين ومائة، وحكى الخطيب عن خليفة بن خيّاط، ويعقوب بن سفيان، وأبي حسّان الزيادي الاتفاق على هذه السنة، إلا أن يعقوب ذكر ربيع الآخر بدل ربيع الأول، والعمدة ما ذكره بشر بن الوليد، لأنه كان من أصحابه