وكان القياس أن لا يقع، فترك القياس، وأخذ بخبر رواه أبو هريرة رضي الله تعالى عنه، وعن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم، أنه قال:"ثلاثٌ جدّهن جدّ، وهزلهن جدّ: الطلاق، والعتاق، والنكاح".
وقال من خالفه: لا يقع طلاقه، وعتاقه؛ لأنه لا يعقل، فأخذ بالقياس، وترك الخبر.
١٦ - مسئلة: لو اجتمع جماعة في قتل رجل عَمدًا.
قال أبو حنيفة: يقتلون جميعًا.
وكان القياس أن لا تقتل الجماعة بواحد، فترك القياس، وأخذ بخبر روي عن عمر رضي الله تعالى عنه، أنه قتل سبعة نفر بقتل رجلٍ واحد، فترك القياسَ بهذا، حتى قال عمر، رضى الله تعالى عنه: لو اجتمع أهل "صنعاء" على قتله لقتلتهم به.
وقال من خالفه: لا تقتل الجماعة بواحد، فأخذ بالقياس، وترك الخبر.
وفي هذا القدر كفايةٌ في الدلالة على أن أبا حنيفة رضي الله عنه لم يقدم القياسَ على الخبر، ومن ادّعى ذلك فليس عنده خبر، وأن مخالفه هو الذي فعل ذلك، والله أعلم.
[عدة تشنيعات في حق الإمام]
ومن جملة التشنيعات في حق الإمام، رضى الله تعالى عنه، أنهم زعموا أنه ترك من فروع الفقه طريق الاحتياط والتورَّع، وأفرط في الرخصة فيما يحتاج فيه إلى التحرّج.
والجواب عن ذلك، أن هذا زعم ممنوع، وقول غير مسموع، لأن أبا حنيفة رضي الله تعالى عنه، كان من أزهد الناس وأوعهم وأتقاهم لله تعالى،