وبم أن الله منحه ملكات في كل فن، ورزقه ذهنا وقّادا، وبصيرة ثاقبة، وعلما وهبيا، وذاكرة قوية، وقدرة على كل فن من العلوم الدينية، ومهارة تامة في التدريس والتصنيف والوعظ والإرشاد، وكان كل ذلك يتجلى في كلامه وتدريسه، وكتابه وخطابه، ووعظه وإرشاده، قدره أصحاب الفراسة وأرباب الإدارات العلمية، ولما كان شيخنا رحمهما الله في "دابيل" عرض عليه الشيخ العثماني، والشيخ حسين أحمد المدني رحمهما الله، والشيخ القارئ محمد طيّب، حفظه الله منصب الإفتاء، وكذا مسند تدريس القسم العالي في جامعة ديوبند الإسلامية، التي هي أكبر معهد علمي ديني في القارة الهندية، والتي لا نظير لها في العالم في خصوصياتها الفذة، والتي لا تأخذ من الحكومة أيّ معونة مادية، وتمشى على نفقات المسلمين وأهل الخير، وهي التي أضاءت مصابيح الهداية في تلك البقاع المظلمة، وبإخلاص عباد الله الصلحاء، الذين أسّسوها لم تزل ولا تزال، إن شاء الله تعالى في رقى وازدهار، وتسعى سعيا حثيثا لنشر العلوم الإسلامية، وتثقيف العلماء بسلاح العلم لمكافحة الآراء الهدّامة ومقاومة الفرق الضالة.
هذا، وقد دعاه الشيخ السيّد سليمان الندوي إلى الجامعة الأحمدية بولاية "بوفال""الهند" لمنصب شيخ الحديث، ولكنه أحبّ البقاء بـ "دابيل" رعاية لغرس شيخه الكشميري، وحفظا لأمانته، وعند ما هاجر إلى "باكستان"، وخدم دار العلوم الإسلامية في "السند" مدة أراد الله بقاءه بها، ولما امتطى صهوة الرحيل منها، وعزم على الاستقالة تواردت عليه دعوات من أكثر مشاهير المعاهد العلمية في "باكستان الغربية" من "كراتشي" إلى "بشاور" لرياسة التدريس فيها، ولمسند شيخ الحديث فيها، ولكنه لم يقلبها