للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثمْ مَضَىِ على ذلك بُرْهةٌ من الزمن، ثم اجتَمع به في "العراق"، وهو مُتصدِّرٌ في أحَدِ جوامع "بغداد" للإقْراء، فأنشَدَه المقْطوعَ الآخَرَ (١)، فلمَّا فرغ من إنْشادِه، قال له: ومَن بـ "العراق".

وعُدَّتْ هذه من فضائل أبي العلاء، ومن أكْبرِ الدَّلائل على قُوَّةِ حِفْظِه وفَهْمِه، حيث عطَف جملةً على جملةٍ تخلَّل بينهما فيما يُقالُ عِدَّةُ سنَوات، وهو لا ينْظُرُ قائلَهما، ولا يعْرفُه، وإنَّما عرَف أنّ قائل الشِّعْرِ الأوَّل هو قائل الشعر الثاني، وأنَّ النَّفَسَيْن لرجلٍ واحد، بقُوَّةِ الحافظة، وفَرْطِ الذَّكاء، وهذا من أعْجَبِ العجائب.

ويُحْكَى عنه ما هو أعْجَبُ من ذلك، ولوكان مَحَلَّه لأوْرَدْنا منه شيئا كثيرًا.

رجع إلى تَمام القصيدة:

أمَجْدَ الدين دَعْوةُ مُسْتَهامٍ … لأنْواعِ الكآبةِ مُسْتديمِ (٢)

حَلَلْتَ من الجِنانِ أجَلَّ دارٍ … وقلبي حَلَّ بعدَك في جَحِيمِ

فمالي غيرُ حُزْنِي مِن صديقٍ … ولا لي غيرُ دمعي مِن حَميمِ

إذا ما شامَ نَوْءُ الأُنْسِ طَرْفِي … ليمطرني هما لي بالهموم

قاك من الجنان رحيق لطف … يُدارُ عليكَ مَفْصومَ الخُتومِ (٣)

ولا بَرِحَتْ رِكابُ المزْنِ تَسْرِي … إلى مَثْواكَ دائِمةَ الرُّسومِ (٤)

* * *

٢٨٤٠ - الشيخ الفاضل عبد الرحمن بن عمر بن عبد الرحمن بن ثابت،


(١) في بعض النسخ "الثاني".
(٢) ي الذيل "دعوة مستنيم"، وفي بعض النسخ "في أنواع النكاية".
(٣) في عيون التواريخ "وساق من الجنان"، وفيه وفي الذيل "مفضوض الختوم".
(٤) في الذيل "مطلقة الرسوم".

<<  <  ج: ص:  >  >>