وديدن ابن أبي حاتم أنه يسوق في كتبه حكايات منكرة في مناقب الأئمة هي كذب، ولا يتفطن لها، كإيراده هذه الحكاية الكاذبة في مناقب مالك، كقوله في التقدمة في ترجمة الإمام أحمد بن حنبل (١).
[ذكر رحلات الشافعي في طلب الحديث]
وكان الإمام محمد بن إدريس الشافعي رضى الله عنه تفقه على مسلم بن خالد الزنجي بـ"مكة"، ثم رحل إلى "المدينة المنورة"، وهو ابن أربعة عشرة عاما، فعرض "الموطأ" على مالك، وسمع من إبراهيم بن محمد الأسلمي منافس مالك بـ"المدينة"، ثم رجع إلى "مكة"، وسمع من ابن عيينة، ثم ارتحل إلى "اليمن" للعمل عند بعض الولاة لضيق ذات يده، وحمل إلى "العراق" سنة أربع وثمانين ومائة بتهمة الانحياز للعلويين ضدّ العباسية، ولما برئت ساحته من التهمة اللهم التفقه عند محمد بن الحسن، حتى اتصل به، ولازمه ملازمة كلية، واستنسخ مصنفاته إلى أن سمع منه حمل بختي من الكتب، ليس عليها إلا سماعه، وأخذ يعتلي شأنه، وأصبحت هذه المحنة منحة ونعمة كبرى في حقه، ومما كتبه إلى محمد في أول قدومه يستبطئ إعارة كتاب كان طلبه منه.
قل للذي لم تر عين من رآه مثله … حتى كان من رآه قد رآه من قبله
العلم ينهى أهله أن يمنعوه أهله … لعله يبذل لأهله لعله
فوجَّه به إليه في الحال هدية لا عارية، كما نقله ابن الجوزي بهذا اللفظ في "المنتظم" عن الطحاوي، وروى ابن عبد البر هذه الحكاية مع أبيات الشافعي إلى هذه بسنده إليه في بيان "جامع بيان العلم".
وقال الصيمري: حدّثنا أبو إسحاق النيسابوري المعروف بالبيع، حدّثنا محمد بن يعقوب الأصم، ثنا الربيع بن سليمان، قال: كتب الشافعي إلى