حضر الشيخ عبد الحق الدهلوي لدى الشيخ عبد الوهّاب المتقي في شهر رمضان سنة ٩٩٦ هـ، وقرأ عليه "مشكاة المصابيح"، واعتكف معه في العشر الأواخر من شهر رمضان، وأدّى فريضة الحجّ معه، واستفاد منه في "عرفات" و"المزدلفة"، ثم اشتغل بالدرس، وخرج إلى "المدينة المنوّرة" في ٢٣ من شهر ربيع الثاني سنة ٩٩٧ هـ بإذن الشيخ عبد الوهّاب، وأقام بها إلى آخر شهر رجب سنة ٩٩٨ هـ، ثم رجع إلى "مكّة المكرّمة"، وأتم على الشيخ عبد الوهّاب "مشكاة المصابيح"، فلمّا انتهى قال له الشيخ: الحمد الله، فقد حصلت لكم نسبة بهذا العلم الشريف في وجه أتم، وهذا القدر يكفيكم لأداء خدمة هذا العلم، ينبغي الآن أن تشتغلوا أياما في أمور أخرى، وتحصلوا على لذّات الخلوة، وذكر الله أيضا، وعلّمه الآداب، وأوضاع الذكر، وتقليل الطعام، ودرّسه بعض كتب التصوّف.
[في مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم]
كان للشيخ عبد الحق الدهلوي محبة عميقة للرسول صلى الله عليه وسلم، إذا دخل "مدينته" دخلها حافيا، ورد في "تحفة الكرام": كان يمشي في "المدينة" حافيا. قدّم مرّة قصيدة باللغة الفارسية إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم، كانت القصيدة كتبت في "الهند"، ففيها إعراب عن الأسف والحزن على أوضاعها، والقصيدة طويلة جدا، ومليئة بعواطف المحبّة والعشق. جاء في "زاد المتقين" أنه لما وصل إلى البيت الذي معناه: قد تلفت همّا وحزنا على فراق جمالك يا رسول الله، أرني جمالك، وترحّم على نفس العاشق النحيل، لم يملك نفسه، وكما قال نفسه: أخذ في البكاء والنحيب المتواصل. لقي طلبه الحافل بالمحبة والإخلاص القبول، وتشرّف بزيارة النبي صلى الله عليه وسلم في الرؤيا.