للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هذا هو الرجل الذي فقده الإسلام، وخسره الأحناف، ورزئ فيه العلم، وثكلته المروءه، واستوحش لغيابه الزهد وشغر مكانه بـ "مصر" رضى الله عنه، وأرضاه، وأعلى في جنان الخلد منازله ومثواه.

[ذكر أهم الأحداث في حياته على ترتيبها الزمني]

فأوّلها: حادث الغرق بـ "أقششهر" وتفصيل ذلك أنه عقب الهدنة استقال من عماله في "قسطموني"، وأراد العودة إلى "الآستانة"، وكان الوقت شتاء، ويستحيل السفر بالبرّ لكثرة الثلوج وصعوبة السير -وليس إلا طريق البحر الأسود- فسار من "قسطموني" إلى "إيتابولي"، وهي ميناؤها على البحر، وتبعد عن "قسطموني" نحو مرحلة إلى الشمال، وهناك بعد أن طال انتظاره اضطرّ إلى ركوب باخرة صغيرة قديمة، كانت تسير حينًا، وتلتفّ آخر، حتى وصل إلى ميناء أرَيْلي، وهناك فضل تركها، واستقلّ قاربًا بقصد "أقششهر"، وهي ميناء بلدته "دوزجه"، وتبعد عنها خمس ساعات بالعربة، التي تجرّها الخيل على نيّة أن يبقى ببلدته، حتى يتيسّر له سبيل العودة إلى "الآستانة"، وكانت مغادرة أريلي مع الفجر، وقبيل العصر بدت له ولمن معه من الركاب مدينة "أقششهر"، وبدأ اضطراب البحر، واشتداد هياجه، وما إن أشرفوا على الساحل عن بعد، حتى انقلب بهم الزورق، ولكنهم ظلّوا متمسّكين به، ورآهم من كان على الشاطئ، فهمّوا بإنزال زورق آخر، ولكنهم اضطرّوا إلى العدول لشدّة هياج البحر واضطراب أمواجه، فما كان من اثنين منهم، إلا أن نزلا إلى الماء، وسبحا، ومعهما حبال طويلة، ربطا بها الزورق، وعادا لمن في البرّ لجذبه، وأثناء الجذب اشتدّت الأمواج المثلّثة، وهى: بأن تأتي الموجة تعقبها ثانية، ثم ثالثة متتاليات.

وأدّى ذلك إلى أن أفلت من في البر الحبال، وعاد الزورق إلى وسط البحر كما كان، كل هذا والغرقى مستمسكون بالزورق غير شاعرين بما يُبذل

<<  <  ج: ص:  >  >>