القعدة سنة ١٣٧١ هـ إحدى وسبعين، ولم يحضره إلا زوجته التي أوصاها المترجم أن تقرأ الفاتحة عند خروج روحه، وقد نفّذت وصيته، وصُلي عليه قبل ظهر الاثنين ٢٠ منه في الجامع الأزهر، وأم الناس الشيخ عبد الجليل عيسى شيخ كلية اللغة العربية -كان- ودُفِن في قرافة الإمام الشافعي في حوش صديقه الشيخ إبراهيم سليم شارع الرضوان، وهو شارع يتفرّع من الشارع الرئيسي الموصل إلى البساتين، ويتّجه شرقًا إلى الجبل، فإذا دخل فيه السائر مستدبرًا شارع البساتين، مستقبلًا جبل المقطم، وجد الحوش عن يمينه، فإذا دخله وجد حوشًا صغيرا غير مسقوف ويواجه الداخل قبر مكتوب عليه: الفاتحة لروحَي سنيحة ومليحة ابنتي الكوثري في ٢٠ شوّال سنة ١٣٥٣ هـ - ٧ رجب ١٣٦٧ هـ، وإلي يمين الداخل دفن المترجم في قبر خاص لم تكن عليه كتابة يوم زرته بعد عصر الأربعاء ١٣ من ذي الحجة سنة ١٣٦١ - وقد رأيت عند السيّد حسام الدين القدسي لوحة من الرخام، أعدّت لتوضع على القبر مكتوب عليها ما يأتي:
الفاتحة لروح محمد الزاهد الكوثري، وهو القائل:
يا واقفًا بشفير اللحد معتبرًا … قد صار زائر أمس اليوم قد قُبِرَا،
فالموت حتم فلا تغفل وكن حذرًا … من الفجاءة وادع للذي عبرا
وكان رضى الله عنه أملى عليّ هذا الشعر في ٢٧ من رمضان سنة ١٣٧١ هـ، وقال: إنه يودّ أن يُكتب على قبره، فكأنه كان يؤذنني بأنّ هذا هو آخر لقاء بيننا في هذه الدنيا الفانية.
وقبره قريب من قبر أبي العباس الطوسي المتكلّم المشهور، رضوان الله عليهما.